وحذرتني أمي من اللعب في الحجرة في أثناء وجوده.
ولكنها لم تجد بدا في النهاية من أن تهمس لي: إنه ابن عمتك!
تساءلت في ذهول: أخو البيه؟!
أجابت بوضوح: نعم ... واحترمه كما تحترم البيه نفسه!
وأصبح يثير حب استطلاعي أكثر من البيه نفسه.
الأيام الحلوة
كنا أبناء شارع واحد، تتراوح أعمارنا بين الثامنة والعاشرة. وكان يتميز بقوة بدنية تفوق سنه، ويواظب على تقوية عضلاته برفع الأثقال. وكان فظا غليظا شرسا مستعدا للعراك لأتفه الأسباب. لا يفوت يوم بسلام ودون معركة، ولم يسلم من ضرباته أحد منا، حتى بات شبح الكرب والعناء في حياتنا. فلا تسأل عن فرحتنا الكبري حين علمنا بأن أسرته قررت مغادرة الحي كله. شعرنا حقيقة بأننا نبدأ حياة جديدة من المودة والصفاء والسلام. ولم تغب عنا أخباره تماما؛ فقد احترف الرياضة وتفوق فيها وأحرز بطولات عديدة، حتى اضطر إلى الاعتزال لمرض قلبه، فكدنا ننساه في غمار الشيخوخة والبعد.
وكنت جالسا بمقهى بالحسين عندما فوجئت به مقبلا يحمل عمره الطويل وعجزه البادي.
ورآني فعرفني فابتسم، وجلس دون دعوة. وبدا عليه التأثر، فراح يحسب السنين العديدة التي فرقت بيننا، ومضى يسأل عمن تذكر من الأهل والأصحاب، ثم تنهد وتساءل في حنان: هل تذكر أيامنا الحلوة؟
النسيان
Bilinmeyen sayfa