73

En Ucuz Geceler

أرخص ليالي

Türler

كانت الأحاديث على ظهور الأفران أو فوق المصاطب تبدأ بأمشير وما فعله في الأرض والناس، والسكر الذي تأخر صرفه، وتقاوي القمح الفاسدة، ثم تنتهي بفاتحة البنت التي قرأها المعلم.

وكان يعقبها أو يسبقها قصة شعر أمها المسبسب، وشبشبها العالي واللبانة التي تطرقع في فمها، ثم حداقة المعلم وفهلوته .

وقد يتحد الناس ويأتلفون حول أي شيء، ولكنهم ينقسمون دائما ويختلفون على من يقع عليها الاختيار، وهل يتزوج المعلم البنت أو أمها.

وتستمر الإشاعات رائحة غادية، تعيد قصة المرجيحة التي كان ينصبها عبد اللطيف كل عيد، ويظل المعلم هو الآخر يروح ويجيء بينهما فلا يستقر عند البنت أو حتى عند أمها.

المأتم

وقف أبو المتولي على باب الجامع، وشمس الضحا تنصب على وجهه «الأشعل» فتعذبه، ويتوهج لها شعر رأسه الناصع البياض كشعر الأرانب، وتزداد كذلك حمرة أجفانه الخالية من الرموش، المضمومة بإحكام حتى تمنع الضوء من التسرب إلى مقلتيه.

وقف يحاور الشمس وتحاوره، ولم يستطع أن يرى ما أمامه إلا بعد أن مد رقبته، وأدخل رأسه في ظل الجامع، بينما بقي جسده خارج الباب، وحينئذ راح يطوف بعينيه الصغيرتين الضعيفتين داخل الجامع، حتى عثر على بغيته جالسا يغالب النوم بجوار عامود، فنادى بصوته الأخنف الهادئ: يا شيخ محمد.

وكانت همهمة الناس الكثيرين الذي يحفل بهم الجامع لا تفنى حين تغادر أفواههم، ولا تتبدد، وإنما تبقى، وتنتشر كالنحل في كل اتجاه، وتظل تتخبط بين جدران المسجد الوقورة العالية الملساء، فتصنع بتخبطها رنينا عريضا أجوف يدوي به المكان.

ولم ينفع صوته الأخنف الهادئ، فقد ضاع نداؤه في هالة الرنين، ورفع صوته أكثر وكافح ليرفعه، حتى احمر وجهه، وأصبح كعرف الديك.

وأخيرا سمع الجالس بجوار العامود، فأدار رأسه كمن كان يتوقع النداء، وأسرع بعينيه إلى الباب، ثم لم أجزاءه وأسرع بنفسه.

Bilinmeyen sayfa