Arab Thought in the Renaissance Era

Albert Hourani d. 1413 AH
95

Arab Thought in the Renaissance Era

الفكر العربي في عصر النهضة

Yayıncı

دار النهار للنشر بيروت

Türler

فعال إلا بأن يستخدم الأوتوقراطي سلطته كما يجب. ثم إنه وجد في خبرته الشخصية، بما رافق حياته من نعم ومن محن، الدليل على ما يترتب على أخلاق الحاكم ونواياه من نتائج. كان يحمل كثيرًا من عرفان الجميل لمحمد علي الذي أرسله إلى باريس وتتبع أعماله، بعد عودته منها، باهتمام شخصي لا ينكر، كما كان شديد الإعجاب بهذا الرجل الذي حرر مصر من قبضة المماليك وقادها في طريق التقدم (٦) فلقبه بالمقدوني الثاني، إذ كان محمد علي نفسه يشعر بالشبه بينه وبين الإسكندر، كما كان يقرأ حياته بلذة (٧). وكتب الطهطاوي فيما بعد عن سعيد وإسماعيل بتعابير الممالقة التقليدية المألوفة، إلا أنه كان فيها على شيء من التحفظ. أما موقفه من عباس، فكان غير ودي بطبيعة الحال. وقد لا يكون مجرد جمال لغة «فنلون» أو طرافة قصته، هو ما حمله على صرف أعوام منفاه في ترجمة «تلماك». فالكتاب الذي وضعه فنلون لتثقيف تلميذه الدوق دي بورغون تثقيفًا خلقيًا، ينطوي على نقد لطغيان لويس الرابع عشر الجامح، وعلى درس خلقي للأوتوقراطيين يمكن بسهولة تطبيقه على عباس. كما كان تذكيره بسعادة مصر وجمالها على عهد ساسوتريس من شأنه أن يستهوي، بطبيعة الحال، من كان يحمل لوطنه المحبة التي كان يحملها الطهطاوي لمصر، لكنه كان من شأنه أيضًا تذكير عباس بما كانت عليه مصر في عهد سلفه، «هذه الأرض الخصبة، الشبيهة بجنة عذبة تسقيها أقنية لا تحصي ... هذه المدن المترفة ... هذه الأراضي التي كان يكسوها كل سنة وبدون انقطاع حصاد مذهب. هذه الحقول المليئة قطعانًا ... هؤلاء الرعيان الذين كانت جميع أصداء الأمكنة المجاورة تردد الأنغام العذبة المنطلقة من نايهم ... سعيد ... هو الشعب الذي يقوده ملاك حكيم! .. أحبوا شعوبكم كأولادكم. إن الملوك الذين لا يهمهم سوى أن يرهبهم الناس، فيستعبدون رعاياهم لجعلها أكثر خضوعًا. إنما هم وباء الجنس البشري، يرهبهم الناس ولا ريب، إلا أنهم

1 / 97