Eleştirel Görüşler: Düşünce ve Kültür Problemleri
آراء نقدية في مشكلات الفكر والثقافة
Türler
إلى الوضع المضاد
antithesis
ومنه إلى الوضع المركب
synthesis
وفي اعتقادي أن هذا المقال، إذا لم يكن يتسع لشرح مفصل لمعالم هذا المنهج - وهو على أية حال أمر لم يعد مجهولا في بلادنا بعد ما بذله الباحثون في الآونة الأخيرة من جهود - فلا أقل من أن يقدم «تحذيرات» تعصم القارئ من الوقوع في خطأ سوء الفهم وسوء التطبيق في هذا المجال الذي أصبح الكلام فيه على ألسن الجميع، وازدادت الأذهان بالتالي تعرضا للأخطاء التي قد يؤدي بعضها إلى تشويه في الفكر النظري وانحراف في التطبيق العملي.
ولنبدأ بالطرف الثالث في الحركة الديالكتيكية وهو المركب؛ فكثيرا ما يشيع فهم المركب بأنه حصيلة الوضع الأصلي والوضع المضاد، أو بأنه متضمن فيهما من قبل، ولكن الواقع أن هيجل كان يعني به المركب بمعناه الاشتقاقي الأصيل، أي من حيث هو حقيقة جديدة خلاقة لم تكن موجودة في الطرفين السابقين، بل إن هذين الطرفين لا يفهمان - في الواقع - إلا من خلال علاقتهما بالمركب، وإذا كان هو - بمعنى معين - ناتجا عنهما، فإنهما - بمعنى أعمق - ناتجان عنه، أي إن معنى أي لحظة معينة - في مجال التاريخ مثلا - يتحدد على أساس اللحظات المقبلة، ولا يمكن أن تعني اللحظة في ذاتها شيئا، ومن المؤكد أن هذه النظرة الديالكتيكية تتلاءم إلى أبعد حد مع عصرنا الحاضر في ديناميته وسعيه إلى فهم حاضره، والسلوك فيه، على أساس ما يتوقع أن يحققه في المستقبل من غايات.
ولكن المشكلة الأهم هي التي تتمثل في الطرفين الأولين، أعني الوضع وضده؛ ذلك لأن مجرد تصورهما على أنهما طرفان قد يؤدي إلى تشويه المعنى الحقيقي للديالكتيك كما كان يعنيه هيجل؛ فالضد أو النقيض ليس طرفا قائما بذاته، وإنما هو يكمن في قلب الوضع الأصلي ويضفي عليه معناه، ويعين على إيضاح معالمه، والعلاقة بين الوضع ونقيضه هي التي تتمثل فيها دلالة فكرة «السلب» وفكرة «التوسط» الهيجلية، وعلى الرغم من الطابع التجريدي الذي عبر به هيجل عن موقفه في هذا الصدد، فإن من السهل أن نجد - في حياتنا العينية - ألوف الأمثلة التي تمثل تجسيدا لتفكير هيجل النظري في هذا المجال.
إن قوة تأثير الديالكتيك الهيجلي إنما تكمن في تأكيده لطابع الصراع الذي يسود كل أرجاء الوجود، ابتداء من أشد مظاهر العقل تجريدا - في المنطق - حتى أكثرها عينية - في الفلسفة، هذا الصراع يتمثل في حياتنا اليومية بلا انقطاع، نلمسه في وعينا بذاتنا؛ إذ إن هذا الوعي يتضمن مفارقة معروفة، هي أن المرء لا يعي ذاته إلا عندما يصبح في لحظة مغايرة لتلك التي يريد أن يعيها، وهو يتمثل في علاقة وعيي بوعي الآخرين؛ فأنا لا أعرف نفسي إلا من خلال الآخرين، أي حين أخرج عن ذاتي، ولو قطعت علاقاتي بأسرها، وانطويت على نفسي انطواء تاما، متوهما أنني أهتدي إلى ذاتي في هذه الحالة على نحو أفضل، فسوف أجد أن ذاتي هذه قد أفلتت مني، وأنها لم تعد شيئا، أي إن من ماهية الوعي أن يهتدي إلى حقيقته الداخلية بفقدان ذاته في علاقات خارجية، ولا بد أن يتمايز الوعي في أشكال متعددة متقابلة ومتعارضة، وأن يعيش صراعاتها وتناقضاتها، ويعمل على قهر هذا التناقض، وهذا يعني أن الوعي توحيد وتنظيم لعناصر متعارضة بطبيعتها؛ فليس فيه شيء مباشر، بل إن كل ما فيه يتم عن طريق «التوسط»، أعني توسط النقيض الذي يعيننا على فهم الموقف الأصلي، وكلما توسعت في تنمية متناقضات عناصر هذا الوعي، ازددت فهما لها وقدرة على تجاوزها، وما حياة الروح سوى عملية مستمرة تقوم فيها بشطر ذاتها إلى قوى متضادة، وتعمل على قهر هذا التضاد. هذه القوى التي يحدث فيها هذا الانشطار أو التمايز، هي تعبير عن قوة السلب أو النفي في الحياة.
ولقد كان من أهم أسباب الحيوية المتجددة لفلسفة هيجل أنها طبقت قانون الصراع هذا على كل مستويات الروح؛ ففي المنطق تعد كل مقولة منطقية تأليفا عضويا من عناصر متعارضة ومتكاملة في آن معا، وتكون المفاهيم الأساسية نسقا واحدا، بحيث تترابط أشد الأفكار اختلافا، وتأتلف تحت مفهوم «الفكرة الشاملة» أو الفكر الكلي للعالم. وفي «ظاهريات الروح» يبدأ الفكر من الذات، وينتقل تدريجا - بالتوسع في هذه الذات - حتى يصل إلى الروح المطلقة، مرددا - على جميع المستويات - مفارقة الوعي الأساسية، التي لا تدرك فيها الذات نفسها إلا من خلال التوسط، وبالخروج عن ذاتها، وفي الحياة الأخلاقية لا يكون للفضيلة كيان إلا من خلال صراعها مع الرذيلة وتغلبها عليها (ففي عالم الملائكة لا توجد فضيلة، ما دام الصراع ضد الشر مستحيلا)، وعلى كل المستويات لا تتحقق الذات إلا بقدر ما تتصارع في داخلها المتناقضات، وبقدر ما تبذل من جهد في سبيل قهر هذه المتناقضات.
على أن عصرنا - الذي لم يتأثر بهيجل في شيء قدر تأثره بفكرته عن السلب وصراع المتناقضات وقهرها - كثيرا ما كان يسيء فهم موقف هيجل من فكرة التناقض، ويتصوره فيلسوفا تخلص نهائيا من مبدأ التناقض، ولا جدال في أن للأجيال التي أعقبت هيجل بعض العذر في إساءة فهمه؛ ذلك لأن من الصعب أن يكون لفكرة التناقض في مجال المنطق نفس المعنى في مجال الأخلاق أو الحياة الاجتماعية، وفي وسع المرء - بقدر من التفكير التحليلي - أن يستخلص معاني للفظ التناقض، أكتفي هنا بذكر أهمها: (1)
Bilinmeyen sayfa