Felsefi Görüşler Çağın Krizinde
آراء فلسفية في أزمة العصر
Türler
وفيما بين عامي 1921 و1927 في أكثر من مناسبة ترددت على موسكو، واشتركت - كعضو في الوفود الشيوعية الإيطالية - في عدد من المؤتمرات والاجتماعات التي عقدتها اللجنة التنفيذية. وكان أشد ما أذهلني في الشيوعية الروسية العجز المطلق - حتى عند أشخاص أفذاذ حقا من أمثال لينين وتروتسكي - عن الإنصاف في الحكم عند مناقشة الآراء التي كانت تتعارض مع آرائهم. وكل معارض - لمجرد الجرأة على المعارضة - سرعان ما يوصم بأنه خائن، نهاز للفرص، مأجور. فالشيوعية الروسية لا تعرف «المعارضة الصادقة». أي انحراف هذا الذي دفع أولئك الذين يسمونهم الماديين والعقليين إلى أن يضعوا في جدلهم العقائد فوق قوة الفكر والمنطق على الإطلاق؟! إننا لا نجد في التاريخ تعصبا شبيها بهذا إلا إذا عدنا إلى عهد محاكم التفتيش.
وعندما هممت بمغادرة موسكو في عام 1922م قالت لي ألكسندرا كولونتاج: «إذا قرأت في الصحف أن لينين قد ألقى علي القبض لأني سرقت الملاعق الفضية بالكرملين، فاعلم أن ذلك معناه أني لست على وفاق تام معه بشأن مشكلة صغيرة من مشكلات السياسة الزراعية أو الصناعية.» وقد اكتسبت كولونتاج روح السخرية في الغرب؛ ولذا فقد كانت لا تستخدمها إلا على قوم من الغرب. وحتى في ذلك الحين، في تلك الأعوام الحماسية، من إقامة النظام الجديد، في ذلك الوقت الذي لم تسيطر فيه العقيدة الجديدة سيطرة تامة على الحياة الثقافية، كان من أشق الأمور أن نصل إلى اتفاق مع أي شيوعي روسي في أبسط الأمور، وفي أشدها وضوحا في أعيننا، كان من أشق الأمور لا أقول أن نصل إلى اتفاق، بل على الأقل أن نتبادل التفاهم، حينما كنا نتحدث عن معنى الحرية عند رجل من الغرب، حتى إن كان من العمال. ولقد قضيت مرة عدة ساعات محاولا أن أشرح لإحدى مديرات مصلحة النشر الحكومية لماذا يجب عليها على الأقل أن تشعر بالخجل من جو التثبيط والإرهاب الذي كان يعيش فيه الكتاب السوفيت، ولم تستطع إدراك ما كنت أحاول أن أحدثها عنه .
قلت لها على سبيل المثال: «إن الحرية هي إمكان الشك وإمكان الوقوع في الخطأ، وإمكان البحث والتجريب، وإمكان الرد بكلمة «لا» على أي صاحب سلطان - سواء في ميدان الأدب، أو الفن، أو الفلسفة، أو الدين، أو الاجتماع، أو حتى السياسة.» فتمتمت هذه الموظفة الكبيرة في المحيط الثقافي السوفيتي مذعورة، وقالت: «ولكن هذا معناه معارضة الثورة ...» ⋆ (1-4) ثورة استالين المضادة
كان لكل الصعوبات التي تجابه حكومة السوفيت صداها في الشيوعية الدولية، بالإضافة إلى الخلافات الداخلية الناجمة عن التنافر بين الأعضاء الذين يؤلفونها. وقد اتضح بعد وفاة لينين أن حكومة السوفيت لا تستطيع أن تتحاشى مصير كل دكتاتورية، وهو ضيق الهرم السياسي تدريجا في عناد لا يلين. ولقد لاقى الحزب الشيوعي الروسي - الذي قمع كل الأحزاب الأخرى المنافسة، وقضى على إمكان إجراء أية مناقشة سياسية عامة في الجمعيات السوفيتية - نفس المصير. وسرعان ما حلت سياسة الأداء الحزبية محل الآراء السياسية للأعضاء. ومنذ تلك اللحظة كان يقضي على كل خلاف في الرأي بين أعضاء الهيئة الموجهة بإبادة الأقلية والحكم عليها بالموت. وبدأت الثورة - التي قضت على أعدائها - تلتهم أعز أبنائها. ولم تعرف الآلهة العطشى أي تهاون أو مهادنة.
وفي مايو من عام 1927م اشتركت مع تجلياتي كممثل للحزب الشيوعي الإيطالي في جلسة غير عادية للهيئة التنفيذية للشيوعية الدولية بعد تضخمها. وقد وفد تجلياتي من باريس، حيث كان يدير السكرتيرية السياسية للحزب، ووفدت من إيطاليا، حيث كنت مسئولا عن الهيئة السرية، والتقينا في برلين، وواصلنا المسير إلى موسكو معا. وفي أول جلسة حضرناها خيل إلي أننا وصلنا في وقت متأخر جدا، وكنا في مكتب صغير في مقر رياسة الشيوعية الدولية، وكان ثالمان الألماني يقوم برياسة الجلسة، وقد شرع فورا في قراءة مشروع قرار ضد تروتسكي، لكي يقدم في الاجتماع العام لجميع الأعضاء. وقد استنكر هذا القرار في أقسى عبارة وثيقة كان تروتسكي قد وجهها إلى المكتب السياسي للحزب الشيوعي. وكان الوفد الروسي في اجتماع ذلك اليوم للهيئة السرية للرؤساء يتكون من أعضاء أفذاذ، وهم: استالين، وريكوف ، وبخارين، ومانيولسكي. وبعد قراءة القراء سألنا ثالمان: هل نحن نوافق على الاقتراح؟ وكان من رأي أوتومار كونين الفنلندي أن القرار ليس شديدا بالدرجة المطلوبة. وحيث إن أحدا من الحاضرين لم يطلب الكلمة، فقد قدمت اعتذاري - بعد مشورة تجلياتي - عن الحضور متأخرا، بحيث لم أستطع أن أطلع على الوثيقة المستنكرة. فأعلن ثالمان صراحة «بأنهم كذلك لم يطلعوا على الوثيقة».
وقد آثرت ألا أصدق أذني، فكررت اعتراضي بصورة أخرى، وقلت: «قد يكون من الحق أن تستنكر وثيقة تروتسكي، غير أنه من الواضح أني لا أستطيع استنكارها قبل أن أطلع عليها.»
فكرر ثالمان القول «بأنهم أيضا لم يطلعوا عليها، كما لم تطلع عليها أكثرية الوفود الحاضرة، فيما خلا الروس ...»
وهنا تدخل استالين، وكان يقف في أحد جوانب الغرفة، وبدا كأنه الشخص الوحيد بين الحاضرين الذي اتسم بالهدوء وضبط النفس.
وقال: «إن المكتب السياسي للحزب لم ير ضرورة لترجمة وثيقة تروتسكي وتوزيعها بين ممثلي الهيئة التنفيذية الدولية؛ لأن بالوثيقة إشارات عديدة إلى سياسة حكومة السوفيت ...»
فسألني أرنست ثالمان: هل اقتنعت برد استالين؟ فقلت: «إنني لا أعارض في حق المكتب السياسي للحزب الشيوعي الروسي في احتفاظه بسرية أية وثيقة، ولكني لست أفهم كيف يمكن أن يطلب إلى غيرهم أن يستنكروا وثيقة مجهولة!» وهنا اشتد السخط علي وعلى تجلياتي الذي بدا عليه تعضيد ما ذكرت.
Bilinmeyen sayfa