Felsefi Görüşler Çağın Krizinde
آراء فلسفية في أزمة العصر
Türler
وإذا كان من أهداف الدين أن يحرر البشرية بقدر الإمكان من الخضوع للمخاوف والرغبات والشهوات الذاتية، فإن التعليل العلمي يستطيع أن يعاون العقيدة الدينية بمعنى آخر؛ فلو أنه من الحق أن هدف العلم أن يكتشف القواعد التي تسمح بربط الحقائق وبالتنبؤ بها، إلا أن ذلك ليس هدفه الوحيد؛ فهو يعمل أيضا على اختصار الصلات المكتشفة إلى أصغر عدد ممكن من التصورات العقلية المستقلة بعضها عن بعض. وهو بهذا السعي نحو الوحدة العقلية للمتعدد يحقق أكبر فرص نجاحه، بالرغم من أن هذه المحاولة عينها هي التي تعرضه للخطر الجسيم، خطر وقوعه فريسة للأوهام. غير أن كل من لمس بقوة التقدم المطرد في هذا الميدان، يشعر بالتقدير العميق للتعقل الذي أمكن إظهاره في الوجود. وعن طريق الفهم الصحيح يظفر بتحرر بعيد المدى من قيود الآمال والرغبات الشخصية؛ وبذلك يحقق ذلك التواضع الفكري إزاء عظمة العقل المتجسد في الوجود، والذي يشق على الإنسان بلوغه، في أعمق أعماقه السحيقة. ويبدو لي أن هذه النظرة دينية في أسمى معاني الدين؛ ومن ثم يخيل إلي أن العلم لا يطهر الدافع الديني من أدران ما يعلق به من صفات إنسانية فحسب، ولكنه يعمل كذلك على تلوين إدراكنا للحياة بلون روحاني ديني.
6
إن الفرد يشعر بخواء الرغبات في الأغراض الإنسانية، وبالسمو والنظام العجيب الذي يتبدى في الطبيعة وفي عالم الفكر. إنه ينظر إلى الوجود الفردي كأنه ضرب من ضروب السجن، ويود لو اتصل بالعالم باعتباره كلا واحدا له دلالته. وقد ظهرت بالفعل مبادئ الشعور الديني الشامل للكون في مراحل تطورها الأولى - في كثير من مزامير داود مثلا، ولدى بعض الأنبياء. وتشتمل البوذية على عنصر قوي من هذا الشعور، كما عرفنا من مقالات شوبنهور العجيبة بنوع خاص.
وهذا اللون من الشعور الديني، الذي لا يعرف عقيدة بعينها، ولا يعرف إلها يتصوره الإنسان على صورته، هو الذي يميز العبقريات الدينية في كل العصور - بحيث لا يقوم نظام ديني (كنيسة) ترتكز تعاليمه الأساسية على تلك العقيدة أو ذلك الإله الذي تصوره الإنسان.
إن أولئك الذين يدركون الجهد الضخم، والإيمان القوي خاصة، الذي يتطلبه العمل التمهيدي في العلم النظري، أولئك وحدهم يستطيعون أن يحسوا قوة الشعور الذي منه وحده يمكن أن ينبعث مثل هذا العمل - برغم بعده عن حقائق الحياة المباشرة. أي إيمان عميق في معقولية الكون (حتى إن كان ما يبدو من العقل في هذه الدنيا تافها ضئيلا) وأي شغف بالفهم كان عند كبلر ونيوتن حتى استطاعا أن ينفقا السنوات العديدة في عزلة العمل لكي يستخلصا قواعد الحركة السماوية! إن أولئك الذين يستمدون معرفتهم بالبحث العلمي أساسا من نتائجه العملية سرعان ما يكونون فكرة خاطئة تماما عن عقلية أولئك الذين يتحوطهم عالم متشكك، ولكنهم ينيرون الطريق لأمثالهم في الفكر، المنتشرين في الأرض وخلال القرون. ولا يستطيع أن يدرك تمام الإدراك مصدر الإلهام لهؤلاء الرجال، ومصدر القوة التي تجعلهم يثبتون على تحقيق أغراضهم برغم ضروب الفشل العديدة التي تصادفهم، لا يستطيع أن يدرك ذلك الأمر إلا من كرس حياته لمثل هذه الأهداف. إنه الشعور الديني الكوني الشامل وحده الذي يمد المرء بمثل هذه القوة. قال أحد المعاصرين - وقد صدق فيما قال - إن العاملين في العلم الجادين في عصرنا هذا المادي هم وحدهم الذين يتصفون بالتدين العميق.
7
المصادر
هذه المختارات من ألبرت أينشتين مأخوذة من مجموعة رسائله، ومقالاته، وبحوثه، وإذاعاته، التي ظهرت في كتابه «من سنواتي الأخيرة» وكتابه «العالم كما أراه».
1 «كسبنا الحرب وخسرنا السلام».
2 «ما الداعي إلى الاشتراكية؟»
Bilinmeyen sayfa