كلما نظر المرء وسمع وأحس أملى شيئا منه، فهو مائت رويدا رويدا، أليست الحياة كما نحياها في هذه الدنيا وفاة دائمة ننفق فيها كل يوم جزءا من كمية الحياة التي أودعت فينا؟! ***
لم يوجد الإنسان ليعلم ولا ليفهم، وليس على شيء مما يقتضيه هذا. إن دماغه أضخم من دماغ الغورللا وأكثر تلافيف، ولكن لا فرق جوهري بينهما، ليست أسمى أفكارنا وأوسع أنظمتنا الفلسفية إلا امتدادات مضخمة لما يتضمنه رأس القردة من آراء. يسلينا ويفتننا ما زاد من معرفتنا بالكون على معرفة الكلب، ولكن هذا شيء يسير، بل إن أوهامنا لتكثر كلما كثرت معارفنا. ***
كل ما في الإنسان سر من الأسرار، ولا سبيل إلى معرفة ما كان خارجا عن الإنسان؛ هذا هو العلم الإنساني. ***
في إشراكنا بالحقيقة الدائمة الطلقة، هذه الحقيقة الناقصة المؤقتة التي يدعونها «العلم» كفر وجحود. لقد نشأ عن جنون البشر بأن يشبهوا بين الحقيقة والظاهر، وبين الجسد والروح، كثير من الآراء الباطلة الضارة التي كشف بها مداح هذا العصر عن عجزهم المتهور. ***
لو كان الخطأ يظهر للناس جميعا لما أخطأ أحد، فإن عن الحس العام تنشأ الأحكام الباطلة كلها؛ هو الذي يعلمنا أن الأرض ثابتة، وأن الشمس تدور حولها، وأن الذين يقطنون الأقطار المتقابلة «أنتيبود» يمشون رءوسهم إلى أسفل، حذار من الحس العام، فإن باسمه ارتكبت كل الحماقات وكل الجرائم. ***
يتألم الإنسان إما لحرمانه مما يعتقد أنه خير، وإما لخوفه من فقدانه إذا كان مالكا له، وإما لأنه مصاب بما يعتقد أنه شر، انزعوا من صدره هذه الاعتقادات؛ تزيلوا الشرور والآلام. ***
علمت أن استحضار الأرواح دين لا ينبغي أن تحرم النفوس منه، هو وهم لكن فيه عزاء وسلوى. ***
إن المذهب الروحاني وسيلة إلى معالجة الأدواء، لا يصح إهمالها في حالة الطب الحاضرة. ***
إن ما يسمونه فن الخطط الحربية هو في الحقيقة عين ما تمارسه شركة كوك: اجتياز الأنهار على الجسور، وقطع الجبال بسلوك الفجاج. أما القواعد المتبعة في الحروب فصبيانية لا يكترث لها كبار القواد الذين يوسعون المجال للحظ، وإن كانوا له منكرين، يقوم فنهم بخلق أوهام تكون عونا لهم في المعارك، فيهون عليهم مثلا أن يغلبوا إذا أوجدوا اعتقادا بأنهم لا غالب لهم، ولا تكسب المعركة صفات الدقة والانتظام التي توهم وجود إرادة عليا إلا على الخريطة. ***
للجبر والهندسة أسلوبهما كما للموسيقى والشعر، وبالأسلوب الجليل يستدل على النبوغ في العلوم، كما يستدل به على النبوغ في الفنون. ***
Bilinmeyen sayfa