Mısır'ın Coğrafi Bölgeleri Firavunlar Döneminde
أقسام مصر الجغرافية في العهد الفرعوني
Türler
ومن ذلك نعلم أن فيضان النيل وسده كانا العاملين الفعالين للسيادة على المدن العاصية؛ إذ إن إغراق الأراضي بالمياه يعوق زرع الغلال فيها، وهي مادة التجارة في المدن، وحبس المياه يمنع الملاحة؛ ولذلك يصف لنا الملك «خبتي» الحرب التي شنها على الدلتا فيقول: «أقم سدا ضد نصف البلاد واغمر النصف الثاني بالمياه بما في ذلك مدينة «أتريب».» فهذه الجملة مع إيجازها لها أهمية استثنائية؛ إذ تبرهن لنا أن كل المدن في الدلتا كانت تتوقف حياتها على النيل؛ لأنه الطريق العظيم للتجارة التي منها تعيش، وحافظت به على حريتها في داخل أسوارها.
ونجد من عرض نظام الحكم في مدن الدلتا في العهد الإقطاعي المصري، أن تعاليم «خبتي» لابنه «مريكارع» تحتل - على ما يظهر لنا - مكانة تاريخية ممتازة ذات أهمية فريدة في بابها.
فاللوحات التي من عهد عصر ما قبل الأسرات قد أثبتت لنا وجود الحكم الذاتي الديموقراطي في مدن الدلتا قبل عهد «مينا»، وتعاليم «خبتي» قد وصفت لنا الحياة الديموقراطية الصاخبة التي كان يتمتع بها أهل تلك المدن، وكذلك تبرهن لنا على أنه في خلال الفترة التي بين عهد ما قبل الأسرات إلى نهاية الدولة القديمة، لم ينس مصريو الدلتا ما فطروا عليه من حب الاستقلال الذاتي؛ فعادوا ثانية إليه عندما أتتهم الفرصة؛ ومن ذلك نعلم أن الدلتا كانت تلعب دورا غاية في الأهمية في تاريخ نظام الحكم في العالم لم يسبقها إليه غيرها. غير أن هذا الدور الذي كان يختلط مع الحياة العامة المصرية في عهد الإمبراطورية فيغمره، كان يبرز إلى عالم الوجود في الدلتا كلما رجعت البلاد إلى سيرتها الأولى من الانقسام والانحلال، وإعادة حكم الإقطاعات؛ فكانت مدن الدلتا تعود إلى حكوماتها الديمقراطية، ومقاطعات الوجه القبلي ترجع إلى عهد حكم الأمراء المستبدين.
وقد كان أكبر مظهر لعودة الحكم الديموقراطي في مدن الدلتا بعد العهد الإهناسي ما تمتعت به تلك المدن من الحكم الذاتي، عندما انحلت البلاد ثانية في عهد العصر الإقطاعي الثاني الذي استمر في البلاد من عهد الأسر 21-25؛ إذ أصبحت في تلك الفترة كل مدن الدلتا تدين بالحكم الديمقراطي.
وهكذا نرى أن النظام الديموقراطي في الوجه البحري كان يحيا ثانية في مدنه كلما انحلت عرى الاتحاد في البلاد، وعادت إلى سيرتها على ما كانت عليه منذ عصر ما قبل التاريخ. والواقع أن مدن الدلتا كانت تشبه الجزر التي تحيط بها الأراضي الزراعية من كل جهة، تتمتع بحكومات مستقلة ذات سيادة بفضل تجارتها وملاحتها؛ مما منحها حرية كانت لا تختلف في مقدارها عن تلك الحريات التي كانت تتمتع بها مدن سهل لومبردي والفلندرز في وسط الحكومات الإقطاعية، التي كانت تحيط بها منذ القرن الحادي عشر إلى القرن الخامس عشر. وبعد ذلك كله، أفلا يحق لنا أن نقول: إن أمجد النظم الحكومية كان منشؤه في مصر، وكان مهده الأول فيها الوجه البحري الذي لا بد قد تسرب منه إلى العالم القديم؟!
الفصل الأول
مقاطعات الوجه القبلي
المقاطعة الأولى
شكل 1-1: اسمها بالمصرية «ناستي» يعني مقاطعة القوس أو حامل القوس.
هذه المقاطعة هي بداية مقاطعات الوجه القبلي، أو بعبارة أخرى أول مقاطعات البلاد المصرية من جهة الجنوب، تمشيا مع مجرى النيل، وتبعا للسنة المصرية في تعرفهم الجهات الأصلية؛ فهم يتجهون إلى جهة الجنوب ويكون الغرب على يمينهم والشرق على يسارهم، ولا غرابة في ذلك؛ لأنهم كانوا يعتقدون أن أهم جهة تتجه إليها أنظارهم هي الجهة التي ينبع منها نيلهم العظيم. ولدينا من المبررات ما يثبت ذلك القول؛ فهم أولا يسمون الغرب جهة اليمين، يضاف إلى ذلك أن اسم هذه المقاطعة يكتب كذلك: (انظر شكل
Bilinmeyen sayfa