تكلم في السلمي من أجل تأليفه كتاب"حقائق التفسير"، فيا ليته لم يؤلفه، فنعوذ بالله من الإشارات الحلاجية، والشطحات البسطامية، وتصوف الاتحادية، فواحزناه على غربة الإسلام والسنة، قال الله تعالى: ?وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله..? [الأنعام:153].(1)
وقال في ترجمة شيخ الإسلام أبي إسماعيل الهروي الأنصاري:
.. وما أحلى تصوف الصحابة والتابعين ! ما خاضوا في هذه الخطرات والوساوس، بل عبدوا الله، وذلوا له وتوكلوا عليه، وهم من خشيته مشفقون، ولأعدائه مجاهدون، وفي الطاعة مسارعون، وعن اللغو معرضون، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.(2)
وقد انتقد الذهبي من أجل ذلك من قبل بعض معاصريه من متعصبة الحنفية والشافعية، ومن بعض غلاة أهل التصوف، وليس ذلك بضاره شيئا إن شاء الله، فإنه ما سلم من الانتقاد أحد من الفضلاء تقريبا، وهذه سيرهم شاهدة على ذلك. ويكفي المرء لدينه أن يسعى في إرضاء ربه، ويبذل جهده في اتباع الحق. وقديما قالوا "رضى الناس غاية لا تدرك".
ومن ذا الذي ينجو من الناس سالما * ولو غاب عنهم بين حافيتي نسر
ويحسن أن نعامل الذهبي بما عامل به هو غيره من الناس، فقد حكى قول من ترك الأخذ عن العالم الجليل أحد قادة الصوفية الفضيل بن عياض رحمه الله، فكان من جملة تعليقاته على ذلك قوله:
إذا كان مثل كبراء السابقين الأولين قد تكلم فيهم الروافض والخوارج، ومثل الفضيل يتكلم فيه، فمن الذي يسلم من ألسنة الناس؟ لكن إذا ثبتت إمامة الرجل وفضله لم يضره ما قيل فيه، وإنما الكلام في العلماء مفتقر إلى وزن بالعدل والورع(3).
المطلب السابع: وفاته .
Sayfa 12