هل يرضى أحد منكم أن يكون عبده شريكه في ماله وأهله حتى يساويه في التصرف في ذلك فهو يخاف أن ينفرد في ماله بأمر يتصرف فيه كما يخاف غيره من الشركاء والأحرار فإذا لم ترضوا ذلك لأنفسكم فلم عدلتم بي من خلقي من هو مملوك لي فإن كان هذا الحكم باطلا في فطركم (٨٤) وعقولكم مع أنه جائز عليكم ممكن في حقكم إذ ليس عبيدكم ملكا لكم حقيقة وإنما هم إخوانكم
جعلهم الله تحت أيديكم وأنتم وهم عبادي (٨٥) (فكيف) (٨٦) تستجيزون مثل هذا الحكم في حقي مع أن من جعلتموهم لي شركاء عبيدي وملكي وخلقي فهكذا يكون تفصيل الآيات لأولي العقول (٨٦) .
فصل: ومنها قوله تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ.
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شئ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٨٨) .
هذان مثلان متضمنان قياسين من قياس العكس وهو نفى الحكم لنفي علته وموجبه، فإن القياس نوعان: قياس طرد يقتضي اثبات الحكم في الفرع لثبوت علة الأصل فيه وقياس عكس يقتضي نفي الحكم عن الفرع لنفي علة الحكم فيه فالمثل الأول ما ضربه الله سبحانه لنفسه وللأوثان فالله سبحانه هو المالك لكل شئ ينفق كيف يشاء على عبيده سرا وجهرا ليلا ونهارا يمينه ملأى لا تغضيها إلا نفقة سحاء الليل والنهار والأوثان مملوكة عاجزة لا تقدر على شئ فكيف تجعلونها شركاء لي وتعبدونها من دوني مع هذا التفاوت العظيم والفرق المبين هذا قول مجاهد وغيره (٨٩)، وقال ابن
_________
(٨٤) خاطركم.
(٨٥) في م (عبيد لى) .
(٨٦) زيادة من م.
(٨٧) انظر تفسير ابن كثير، ٢١ / ٣٨ والطبري ٣٨ والامثال: ٢٨.
(٨٨) النحل: ٧٥، ٧٦ انظر الزمخشري ٢ / ٤٢٠ - ٤٢١.
(٨٩) انظر تفسير الطبري ١٤ / ١٤٩ - ١٥٠ وابن كثير ٢ / ٥٧٨.
(*)
1 / 21