وجدتها دون أسواق إشبيلية حركة ونشاطا، إلا سوق الكتب فلا أحسب بغداد أقامت مثلها. دخلتها يا أبي فلبثت فيها ساعة أتأمل ما يقع في جوانبها، وأشهد النداء على نفائس الكتب وذخائر المخطوطات وهي في أيدي الناس، يقلبونها في اعتناء وإشفاق كأنها كرائم الحجارة في أسواق الجوهر.
الملك :
وهل كنت تهتمين بكتاب هناك ؟
الأميرة :
أجل يا أبي، نودي على رسالة المنجم الضبي التي سماها: هل القمر مسكون؟ وكنت سمعت بها وكنت أريد إحرازها فسرني الظفر بها، وكان بالقرب مني فتى حسن الهيئة ظريف الثياب وهو لا شك من بني البيوتات، وكان ينازعني الرغبة في الرسالة، فلم يزل يزيد فيها وأنا أحرجه فأزيد حتى بلغها إلى خمسمائة دينار، فقبضت يدي فرجع إليه المنادي فأخذ المال وناوله الرسالة.
الملك :
لا أظن حرص الشاب على الرسالة إلا للمباهاة، ولكي يقال عنده خزانة حوت كل ثمين ونادر حتى رسالة المنجم الضبي، فإن الشهرة في قرطبة من قديم الزمان أن يتنافس الناس في اتخاذ الخزائن للكتب، حتى الذين لا علم لهم بما فيها.
الأميرة :
ظلمت يا أبي غريمي الشاب؛ فقد كنت ألحظ عليه الحرص على الرسالة والسعي لإحرازها حتى ما بقي في نفسي شك أن الفتى من أهل المعرفة والاطلاع.
الملك :
Bilinmeyen sayfa