Amin Rihani: Batı Ülkelerinde Doğu Felsefesinin Yayıncısı
أمين الريحاني: ناشر فلسفة الشرق في بلاد الغرب
Türler
كان ذلك في أواخر صيف سنة 1911، وكنا مصطافين في لبنان، فأفضيت إلى أديب هناك بأثر «الريحانيات» في نفسي، وكيف أن ذلك الوادي غدا لي شيئا حيا يتحرك ويندب، ويهلل ويزمجر، ويهينم ويحيي ويودع، فقال الأديب: إذن لماذا لا تزورين الوادي وهو على مقربة من هذا المكان، وأمين ريحاني وصل حديثا من أمريكا، ويقطن منزله المشرف على الوادي وقد دعاه «بالصومعة»؟ وكان ذلك الأديب من أصدقاء شاعرنا، فكتب إليه.
وكان الجواب أن بعد ظهر الغد زارنا أمين الصومعة مع شقيقتيه الفاضلتين وبعض أنسبائه وأصحابه، فرأيت بالجسم للمرة الأولى ريحاني الوادي هذا الذي تبصرون.
ومضيت إلى «الفريكة» بعد يومين أو ثلاثة مع والدي وبعض الأدباء، فرأينا هناك المكتب الذي يكتب عليه، والنافذة المطلة على البحر البعيد، وقد خيمت فوقه روعة الغروب، ورأينا والدته الجليلة. تعلمون أيها السادة أن أمين أفندي واسع حر في مسألة الدين؛ أي إنه يوحد جميع الأديان في أخوة رفيعة سامية.
أما والدته فصائمة مصلية زاهدة متعبدة، تكثر من قرع الصدر، وتكثر التردد على الكنائس، ولعلها تبتهل إلى الله دواما أن يرد ولدها الضال إلى حظيرة التوبة.
وزرت جانبا من الوادي متلمسة خطوط الصخور والأشجار، متلمسة هينمة النسائم وهدير النهر المهرول إلى حضن البحر. زرت جانبا من الوادي وعندئذ فهمت عظمة التفوق الفردي الذي ينيل الجماد حياة، ويجعل المكان المجهول محجة للزائرين، عندئذ فهمت عظمة التفوق الفردي الذي قد يثير من الكره والتطاول والعداء بقدر ما يثير من الإعجاب والصداقة والإخلاص، ولكنه يهز الأفراد والجماعات هزا، ويحدث فيهم يقظة محتومة، عندئذ فهمت عظمة التفوق الفردي المتجلي وحده فريدا بأسباب سعادته وشقائه، فوق فروق المراتب وروابط الحسب، فتنحني أمامه جباه المكابرين والمسالمين.
ومرت عشرة أعوام والريحاني يشتغل في الغرب بعيدا عن بلاده، وكلما نشر كتابا أو مقالا ذكر أصدقاءه في الشرق، فبعث إليهم بنفثاته، وكنت كلما قرأت منها شيئا عاودتني تلك الذكرى الأولى التي بسطتها الآن أمامكم.
فيا ريحاني الوادي، إن نحن احتفينا بقدومك مرحبين، كل منا بأسلوبه الخاص، فإنما نحتفي بنفسنا الشرقية، وبما يتحرك فيها من وراثة سحيقة، ويهيجها من ذكريات العز الماضي، وآمال القدم المنشود.
بالأمس قطعت فينيقيا البراري، وخاضت البحار مشيدة على الشواطئ القصية المدائن والعواصم.
بالأمس كانت مصر معلمة العالم تلقي عليه دروس الشريعة والإدارة والهندسة والفلسفة الروحانية الخالدة.
بالأمس فتح سيف الإسلام القارات الثلاث ناشرا فيها حضارة أوجدها القرآن.
Bilinmeyen sayfa