ومما سبق يتضح أن حديث سعد ورد مرة بطريق فيه انقطاع بين شريح بن عبيد وبين سعد وورد مرة أخرى بطريق فيه رجل ضعيف، وأن زيادة الـ ٥٠٠ سنة وردت من طريق منقطع أيضًا كما سبق، ومن طريق آخر ليس من قول سعد أصلًا وإنما من قول راشد.
وفى الحلية ٦ / ١١٩ نجد أن الحافظ أبا نعيم بعد أن سرد هذا الحديث وأحاديث أخر قال: (هذه الأحاديث كلها من مفاريد راشد فحديث سعد تفرد به ابن أبى مريم) .
قلت: وقد قال أبو زرعة: راشد بن سعد عن سعد بن أبى وقاص مرسل (انظر تهذيب التهذيب، وكذا فى جامع التحصيل فى أحكام المراسيل)،وترجم له الحافظ فى (التقريب) بقوله: ثقة كثير الإرسال.
فهذا هو حال الحديث الذى اعتمد عليه المؤلف، والذى نقل عن الشيخ الألبانى انه صححه مع أن هذا لم يحدث!!!!! والله المستعان.
* ثم قال المؤلف (أمين): كم تكون هذه الزيادة؟
يقول الإمام السيوطى فى رسالته المسماة (الكشف) فى بيان خروج المهدى يقول ﵀ ما نصه
" الذى دلّت عليه الآثار أن مدة الأمة تزيد على الألف ولا تبلغ الزيادة خمسمائة أصلًا ". رسالة الكشف عن مجاوزة هذه الأمّة الألف ص ٢٠٦
مضى من هذا القليل ثلاثون عامًا، فنحن الآن فى عام ١٤١٧ هـ نضيف إليها ثلاث عشرة سنة قبل بدء التقويم الهجرى وهى ما بين بعثة النبى ﷺ إلى هجرته فنحن الآن فى سنة ١٤١٧ من الهجرة ولكننا فى سنة ١٤٣٠ من البعثة.
فنحن إذًا بناءً على ما قدمنا من حسابات مستندين إلى كلام أئمتنا الأعلام المعتمد على ما صح من الآثار - نعيش والعالم فى حقبة ما قبل النهاية فى مرحلة الاستعداد للفتن والملاحم الأخيرة التى تسبق ظهور العلامات الكبرى.
الرد:
١٤ - قام المؤلف (أمين) باحتساب عمر الأمة الإسلامية بطريقة رياضية، وتوصل إلى أن عمر الأمة ١٤٠٠ سنه تزيد قليلًا، ويا ليته قام بعد ذلك باحتساب المدة المقصودة بطريقة رياضية صحيحة، - مع تحفظنا على الطرق الرياضية كما سيأتى مفصلًا - بل انه أخطأ فيها،وبيان ذلك:
١ - لكى نقوم بحل معادلة فيها مجهول يجب أن تكون باقى المعطيات معروفة لنا مسبقًا قبل الحل لكي نصل إلى تقدير ذلك المجهول فمثلًا: لكى نعرف قيمة الرمز (أ) فى المعادلة الآتية
(أ = ب - ج) فيجب أن يكون معلومًا لنا قيمة كل من ب، ج
فإذا علمنا مثلًا أن قيمة ب = ١٠، وقيمة ج = ٧ فإن قيمة أ = ١٠ - ٧ = ٣ فى مثالنا السابق.
٢ - بتطبيق ما سبق على المعادلة التى تم استنباطها من حديث البخارى، وهى أن:
عمر أمة اليهود = عمر أمة النصارى وعمر أمة الإسلام
أى أن: عمر أمة الإسلام = عمر أمة اليهود - عمر أمة النصارى
ولما كانت الفترة ما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام = ٦٠٠ سنة حسب ما جاء فى صحيح البخارى موقوفًا على سلمان الفارسى ﵁.
فان المعادلة تصبح كالآتى: عمر أمة الإسلام = عمر أمة اليهود - ٦٠٠ سنة
ولكى نعرف عمر أمتنا لابد من تحديد عمر أمة اليهود، وإلى هنا نحن متفقون معه (١)، حيث يبدأ الخطأ من المؤلف باعتبار أن عمر أمة اليهود = ١٥٠٠ سنة تزيد قليلًا، وقد توصل المؤلف إلى هذه المدة كالآتى:
عمر أمة اليهود = ٢٠٠٠ - ٦٠٠ = ١٤٠٠ سنة تزيد قليلًا
ثم قال أن هذه الزيادة تزيد عن ١٠٠ سنة تقريبًا فتكون عمر أمة اليهود = ١٥٠٠ سنة تزيد قليلًا
ولنا هنا وقفة: من أين أتى المؤلف بالـ ٢٠٠٠ سنة؟؟ لقد أتى بها من كلام ينقله الحافظ فى الفتح: (بانه اتفق أهل النقل على أن مدة اليهود إلى بعثة النبي ﷺ كانت أكثر من ألفى سنة) .
ولكن ... نقول للمؤلف إن الحافظ إنما قال (أكثر من ألفى سنة) أى قد تكون ٢٥٠٠ أو ٢٩٠٠ أو......الخ، وبالتالى تكون مدة اليهود إلى مبعث النبي ﷺ لا تساوى ٢٠٠٠ سنة كما أعتبرها المؤلف، بل = أكثر من ٢٠٠٠ سنة وبذلك تكون المعادلة:
عمر أمة اليهود = أكثر من ٢٠٠٠ سنة - ٦٠٠ سنة
فهل يستطيع أحد حل هذه المعادلة؟ بالقطع لا. والسبب هو ما بيناه سابقًا حيث سنواجه سؤالًا وهو ما معنى أكثر من ٢٠٠٠ سنة؟ هل ٢٥٠٠ أو ٢٩٠٠ أو......الخ فكل ذلك أكثر من ٢٠٠٠ سنة، ولا مرجّح عندنا لأى من ذلك. وإن زيادة المؤلف عبارة (٢٠٠٠ سنة تزيد قليلًا) هى تصّرف من عند المؤلف، أوقعه فى الخطأ، فإن عبارة الحافظ التى نقلها فى الفتح (أكثر من ٢٠٠٠ سنة)، وليس فيها (تزيد قليلًا) ولا غيره.
_________
(١) * وهذا على افتراض صحة ما قاله سلمان رضى الله عنه بمعنى مطابقته للحقيقة فإن هذا إنما قاله سلمان بناءً على علمه من الكتب السابقة ولم يرفع ذلك إلى النبى r فمثل هذا لا يُصدق ولا يُكذب إلا ببرهان آخر ولا سبيل إلى ذلك فلا يعتمد عليه. (أبو حاتم)
1 / 13