Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i
الوجيز في فقه الإمام الشافعي
Araştırmacı
علي معوض وعادل عبد الموجود
Yayıncı
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
1418 AH
Yayın Yeri
بيروت
Türler
وألزمهم بالصَّلاَةِ والتلاوة، فلما انتهى إلى المَهْدِيَّةِ، وصاحبُها يومئذٍ يَحْيَى بْنُ تمِيم الصَّنْهاجِيُّ، وذلك في سنة خمس وخمسمائة، نَزَلَ بها في مسجدٍ مُعَلَّقٍ على الطريق، وكان يَجْلِسُ فِي طَاقَتِهِ، فلا يرى مُنْكَراً من آلَةِ المَلاَهي، أو أواني الخَمْرِ، إلا نَزَلَ وكَسَرَهُ، فَتَسامَعَ به النَّاسُ، وجَاءُّوا إليه، وقرءوا عليه كُتُباً في أصول الدين.
وبلغ خَبَرُه الأمِيرَ يَحيى، فاستدعاه مع جَمَاعَةٍ من الفقهاء، فلما رأى سَمْتَهُ، وسَمِعَ كَلَامَهُ، أَكْرَمَهُ، وسأله الدعاء، فقال له: أَصْلَحَكَ الله لرعيَّتِك.
ثم نَزَحَ عن الْبَلَدِ إلى ((بِجَاية))، فأقام بها يُنكِرُ كَدَأَبِهِ، فأُخْرِجَ منها إلى قرية ((مَلَّلة))، فوجد بها عَبْدَ المُؤْمِنِ بن علي القَيْسِيِّ، فيُقال: إن ابن تُومَرت كان قد وَقَعَ بكتابٍ فيه صِفَةُ عبد المؤمن، واسمُه.
وصِفَتَهُ رَجُلٌ يظهر بالمَغْرِبِ الأقصى، من ذُرِّيَّة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، يدعو إلى الله، يكونُ مَقَامُهُ ومَدْفُهُ بموضعٍ من ((المَغْرِب))، يُسمَّى ت ی ن م ل، ويجاوز وَقْتُهُ المائة الخامسة.
فأُلْقَى فِي ذِهْنِهِ أنه هو، وأنَّ الله أَلْقَى فِي رَوْعِهِ ذلك كُلَّهُ من غَيْرِ أن يَجِدَهُ في كتاب، فقد كان رَجُلاً، صالحاً، متمكِّنا.
ثم إنه أخذ يتَطَلَّبُ صِفَةَ عبد المؤمن، فَرَأَىْ في الطريقِ شَابّاً قد بَلَغَ أَشُدَّهُ، على الصفة التي أُلْفِيَتْ في رُوعِهِ، فقال: يا شَابُ، ما اسمُك؟
فقال: عَبْدُ المُؤْمِنِ.
فقال: الله أكبر، أنت بُغْيَتِي، فأين مَقْصِدُكَ؟
قال: المَشْرِقُ؛ لِطَلَبِ العلم.
قال: قد وَجَدْتَ علماً وشرفاً، اصْحَبْنِي تَنَلْهُ.
ثم نظر في حِلْيَتِهِ، فوافقتْه، فألقى إليه سِرَّهُ.
ثم اجتمع على ابْن تُومَرت جَمْعٌ كثير؛ لِمَا رأوه من قُوَّتِهِ في الحق، وصَبْرِهِ على طلب المعيشة، وزُهْدِهِ، وورعه، وعلمه.
فدخل ((مَرَّاكُش))، ومَلِكُهَا علىُّ بن يُوسُفَ بن تَاشفين، وكان حليماً، متواضعاً، فأخذ ابن تُومَزْت في الإِنْكَارِ على عادته، حتى أنكر على ابْنَةِ المَلِكِ، وذلك في قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ، فبلغ خبرُه المَلِكَ، وذكر أنّه تحدَّث في تَغْيير الدَّوْلَةِ، فَتَكلَّم مَالِكُ بن وُهَيْبِ الأنْدِلُسِيّ الفقيه في أمرِه، وقال: نَخَافُ من فَتْحِ بَابِ يَعْسُرُ علينا سَدُّهُ.
وكان ابن تُومَرْت وأصحابُه مُقِيمِينَ بمسجدٍ ((خراب))، بظاهر البَلَدِ، فأحضِروا في مَحْفِلٍ من العلماء، فقال الملك: سَلُوا هذا ما يبغى.
28