التحرير في شرح مسلم
Soruşturmacı
إبراهيم أيت باخة
Yayıncı
دار أسفار
Baskı
الأولى
Yayın Yılı
1442 AH
Yayın Yeri
الكويت
Türler
حَظَّهِ مِنَ العَرَبِيَّةِ وَمَجَارِي طُرُقِهَا، وَاحْتِظَائِهِ مِنَ الفِقْهِ وَالأُصُولِ بِأَوَفَرِ نَصِيبٍ، وَاخْتِصَاصِهِ مِنَ التَّأْلِيفِ وَالتَّصْنِيفِ بِأَعْجَبٍ عَجِيبٍ)(١).
بل حتى إمامنا الأصبهاني؛ لم يخرج عن قاعدة الفارسي: (أَتْعَبَ مَن بَعدَهُ مِنَ اللَّاحِقِين)، فإنه وإن اقتحم العقبة؛ وعزم على شرح البخاري، إلا أنه أشار في مقدمته، إلى شيء مما ذكره الفارسي فقال: (وَقَصْدِي فِي ذَلِكَ تَجَنُّبُ مَا أَوْرَدَهُ الخَطَّابِي رَحِمَهُ الله، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَد ذَكَرَ شَيئاً عَلَى سَبِيلِ الإِخْتِصَارِ، فَأَبْسُطَ القَولَ فِيهِ، أَوَ يَكُونَ قَد ذَكَرَ فِي حَدِيثٍ أَو لَفْظٍ وَجْهاً، فَيَكُونُ عِندِي فِيهِ وَجْهٌ آخَرَ فَأَذْكُرُهُ)(٢)، ثم حقَّر من نفسه، وأعلى من شأن الإمام الخطابي، متمثِّلا قول جرير:
وابنُ اللَّبُونِ إِذَا مَا لُزَّ فِي قَرَنٍ لَم يَستَطِعِ صَولَةَ البُزْلِ القَنَاعِيس(٣)
وإنما قال هذا، حتى لا يظن ظان أن استدراكه عليه من حسد أو بغض، وختم كلمته عنه بقوله: (أَخَذْنَا مَا أَخَذْنَا عَنْهُ وَعَنِ أَمْثَالِهِ، وَاتَّخَذْنَاهُم قُدوَةً فِيمَا نَتَعَاطَاهُ مِن أُمُورِ الدِّينِ، رَجَاءَ أَنْ نَدْخُلَ فِي غِمَارِهِم وَنُعَدّ مِن أَصحَابِهِم، وَإِن لَم نُعَدّ مِن خِيَارِهِم).
ولأجل هذا؛ اتجهت عناية العلماء في القرن السادس إلى شرح صحيح مسلم، لِمسيس الحاجة إليه، ولأنه لم يُطرق من قبل، وهو ما يفسر ظهور أربعةٍ من الشروح المهمة النفيسة في هذا القرن، وهي: المعلم للمازري (٥٣٦ هـ)، والمفهم للفارسي (٥٢٩ هـ)، والتحرير للأصبهاني (٥٣٥ هـ)، والإكمال للقاضي عياض (٥٤٤ هـ).
(١) المفهم لصحيح مسلم (٤٠١/١ - ٤٠٢) ط. أسفار.
(٢) شرح صحيح البخاري (٨/٢).
(٣) ديوان جرير: ١٢٨/١، وينظر: فحولة الشعراء: ص ٩، والعقد الفريد: ٣٣٠/٢.
35