Siyasal Yönetim Kuralları
الأحكام السلطانية
Yayıncı
دار الحديث
Yayın Yeri
القاهرة
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَكُونُ مُخَيَّرًا بَيْنَ شَيْئَيْنِ الْقَتْلُ أَوْ الِاسْتِرْقَاقُ، وَلَيْسَ لَهُ الْمَنُّ وَلَا الْمُفَادَاةُ بِالْمَالِ؛ وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ [محمد: ٤]، وَمَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى أَبِي عَزَّةَ الْجُمَحِيِّ١ يَوْمَ بَدْرٍ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَلَّا يَعُودَ لِقِتَالِهِ فَعَادَ لِقِتَالِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأُسِرَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِقَتْلِهِ، فَقَالَ: اُمْنُنْ عَلَيَّ فَقَالَ: "لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ" ٢. وَلَمَّا قَتَلَ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ بِالصَّفْرَاءِ بَعْدَ انْكِفَائِهِ مِنْ بَدْرٍ لَمَّا اسْتَوْقَفَتْهُ ابْنَتُهُ قُتَيْلَةُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَأَنْشَدَتْهُ قَوْلَهَا "مِنَ الْكَامِلِ":
يَا رَاكِبًا إنَّ الْأُثَيْلَ مَظِنَّةٌ ... عَنْ صُبْحِ خَامِسَةٍ وَأَنْتَ مُوَفَّقُ
أَبْلِغْ بِهِ مَيْتًا فَإِنَّ تَحِيَّةً ... مَا إنْ تَزَالُ بِهَا الرَّكَائِبُ تَخْفُقُ
مِنِّي إلَيْهِ وَعَبْرَةٌ مَسْفُوحَةٌ ... جَاءَتْ لِمَائِحِهَا وَأُخْرَى تُخْنَقُ
أَمُحَمَّدٌ يَا خَيْرَ ضِنْءِ كَرِيمَةٍ ... فِي قَوْمِهَا وَالْفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقُ
النَّضْرُ أَقْرَبُ مَنْ قَتَلْتَ قَرَابَةً ... وَأَحَقُّهُمْ إنْ كَانَ عِتْقٌ يُعْتَقُ
مَا كَانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ وَرُبَّمَا ... مَنَّ الْفَتَى وَهُوَ الْمَغِيظُ الْمُحْنَقُ
فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "لَوْ سَمِعْتُ شِعْرَهَا مَا قَتَلْتُه" ٣، وَلَوْ لَمْ يَجُزِ الْمَنُّ لَمَا قَالَ هَذَا؛ لِأَنَّ أَقْوَالَهُ أَحْكَامٌ مَشْرُوعَةٌ.
وَأَمَّا الْفِدَاءُ: فَقَدْ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِدَاءَ أَسْرَى بَدْرٍ وَفَادَى بَعْدَهُمْ رَجُلًا بِرَجُلَيْنِ، فَإِذَا ثَبَتَ خِيَارُهُ فِيمَنْ لَمْ يُسْلِمْ بَيْنَ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ، تَصَفَّحَ أَحْوَالَهُمْ وَاجْتَهَدَ بِرَأْيِهِ فِيهِمْ.
فَمَنْ عَلِمَ مِنْهُ قُوَّةَ بَأْسٍ وَشِدَّةَ نِكَايَةٍ وَيَئِسَ مِنْ إسْلَامِهِ، وَعَلِمَ مَا فِي قَتْلِهِ مِنْ وَهَنِ قَوْمِهِ قَتَلَهُ صَبْرًا مِنْ غَيْرِ مُثْلَةٍ.
وَمَنْ رَآهُ مِنْهُمْ ذَا جَلَدٍ وَقُوَّةٍ عَلَى الْعَمَلِ، وَكَانَ مَأْمُونَ الْخِيَانَةِ وَالْخَبَاثَةِ اسْتَرَقَّهُ؛ لِيَكُونَ عَوْنًا لِلْمُسْلِمِينَ.
وَمَنْ رَآهُ مِنْهُمْ مَرْجُوَّ الْإِسْلَامِ أَوْ مُطَاعًا فِي قَوْمِهِ، وَرَجَا بِالْمَنِّ عَلَيْهِ إمَّا إسْلَامَهُ أَوْ تَأْلِيفَ
١ أبو عزة الجمحي، شاعر، واسمه عمرو بن عبد الله.
٢ صحيح: رواه البخاري في كتاب الأدب "٦١٣٣"، ومسلم في كتاب الرقائق "٢٩٩٨".
٣ والخبر ذكره ابن خلكان في وفيَّات الأعيان، وابن طيفور في بلاغات النساء.
1 / 208