394

Kur'an Ahkamları

أحكام القرآن

Soruşturmacı

موسى محمد علي وعزة عبد عطية

Yayıncı

دار الكتب العلمية

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

١٤٠٥ هـ

Yayın Yeri

بيروت

ولا يتهيأ لعاقل أن يقول إن الشرع يجعل زوجة الإنسان محرما لابنه حتى يجوز له أن يخلو بها، ويسافر معها، ويراها بمثابة أمه من الرضاعة والنسب بطريق العقوبة، وإذا تقرر ذلك قال الشافعي ﵁:
فقال لي قائل: لم قلت: إن الحرام لا يحرم الحلال؟
قلت: قال الله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) .
وقال: (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ) إلى قوله (دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) «١»، أفلست تجد التنزيل إنما يحرم من سمى بالنكاح أو الدخول في النكاح؟
قال: بلى.
قلت: أفيجوز أن يكون الله تعالى حرم بالحلال شيئا، وحرمه بالحرام، والحرام ضد الحلال؟ والنكاح مندوب اليه، مأمور به، وحرم الزنا فقال: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا) «٢» .
فهذا تمهيد الدلالة من إمامنا الشافعي ﵁، وأشار بها إلى أن الشارع حرم زوجة الأب من غير دخول مثلا على الابن، وإذا ثبت ذلك، فإذا أردنا فهم المعنى منه لنلحق به ما سواه، لم يكن فهم معنى التغليظ، وإنما يفهم منه معنى الكرامة، والكرامة إنما تليق بسبب مباح أو مندوب اليه، فلا يتصور فهم معنى الكرامة في إثبات المحرمية، وحليلة الأب والابن وأم المرأة، ثم يقاس عليه الزنا الذي لا يليق به الكرامة، فإنهما ضدان، فلا يتعرف من أحدهما ضد مقتضاه في الآخر بطريق الاعتبار والقياس، وهذا في نظر أهل الأصول والتحقيق من الضروريات، فقال هذا الجاهل- أعني الرازي:-

(١) سورة النساء الآية ٢٣.
(٢) سورة الإسراء الآية ٣٢.

2 / 386