Fikirler ve İnsanlar: Batı Düşüncesinin Öyküsü

Mahmut Mahmud d. 1450 AH
77

Fikirler ve İnsanlar: Batı Düşüncesinin Öyküsü

أفكار ورجال: قصة الفكر الغربي

Türler

ومهما يكن من أمر فإنا نستطيع أن نقنع أنفسنا بالحكم الظاهر بأن النوع صفة من الصفات البارزة في ثقافة العصور الوسطى. وإذا كانت اللاتينية قد بقيت لغة العلم، فقد نمت منذ القرن الثاني عشر آداب في عدد من اللغات الشائعة، أو اللغات المحلية، التي أصبحت فيما بعد لغات أوروبا الحديثة. وإذا كانت الكنائس الكبرى قد بنيت على طراز أسميناه منذ ذلك الحين بالطراز «الغوطي»؛ فقد اختلف هذا الطراز اختلافا كبيرا من إقليم إلى إقليم بحيث لا يخطئ المرء التمييز بين الغوطي في جزيرة فرنسا والغوطي في الأراضي المنخفضة أو في إنجلترا، وحتى الفروسية، المثل الأعلى لأسلوب الحياة في الطبقات العليا في العصور الوسطى في الغرب لم تكن هي بعينها تماما في كل أنحاء أوروبا، بالرغم من تطلعها إلى الوحدة وارتفاعها بالتأكيد فوق المستوى الإقليمي. والواقع أن الإقطاع والفروسية لم يكونا عامين موحدين في الطبقات العليا في الغرب بدرجة أكبر مما كانت عليه المثل وأسلوب الحياة بين «النبلاء» في أوائل العصر الحديث، وهي المثل والأساليب التي كانت أساسا - كالفروسية - فرنسية في وحيها.

ولم تكن الأوجه الجغرافية المختلفة في ثقافة العصور الوسطى هي بعينها الانقسام الحديث إلى قوميات. إن هذه القوميات، وبخاصة فرنسا وإنجلترا وإسبانيا، وألمانيا وإيطاليا (من الناحية الثقافية على الأقل، إن لم يكن من الناحية السياسية) قد برزت بروزا واضحا من العصور الوسطى. بل إن هناك نوعا من «القومية» - يستحق الدرس - في كثير من الأوجه في حياة العصور الوسطى، كتلك القومية التي تظهر في عالم الجامعات، أو معاهد الدراسة التي تبدو على الجملة في ظاهرها عالمية تماما. كان بعض الجامعات - وبخاصة الجامعة الشهيرة في باريس - تنظم في شكل مجموعات طبقا لجنسية الطلاب. وما إن حل عام 1300م حتى كان لأكثر اللغات الحديثة الهامة بدايات على الأقل في آدابها تتجاوز المستوى الشعبي البحت. وكان أكثر الكتابات الجدية - الفلسفة (وتشمل «الفلسفة الطبيعية»، وهو الاسم الذي كان يطلق على العلوم)، وعلوم الدين، والنظريات السياسية، والعمل العلمي عامة - باللاتينية، حتى أواخر القرن السابع عشر. وحتى في هذه المجالات كانت الحاجة إلى مخاطبة الناس - كما هي الحال في حركات الإصلاح في القرنين الرابع عشر والخامس عشر - تدعو إلى قدر كبير من الكتابة الجادة باللغة القومية.

والواقع أن الطباعة قد جاءت بعدما انتهى احتكار رجال الدين للكلمة المكتوبة، ولصناعة المخطوطات التي كانت تعادل ما نسميه اليوم بالنشر، بنحو قرنين أو ثلاثة قرون. وقد كتب اثنان من أكبر الشخصيات في أدبنا الغربي، وهما دانتي وشوسر، بالإيطالية والإنجليزية قبل ظهور الكتاب المطبوع بزمن طويل. وقد نشرت مؤلفاتهما بنفس الطريقة التي نشرت بها مؤلفات فرجيل وهوراس من قبل. ولم يتعفف النساخون عن عمل مجموعات من «فابليو»، وهو ذلك النظم الفرنسي الشائع الذي يستحق أن يسمى بالأدب الشعبي. وبالطبع قد دون شعر البطولة التقليدي، شعر الطبقات العليا - وأشهره «أغاني رولان» الفرنسية - في شكل مخطوطات، كما دونت أناشيد الرحالة فيما بعد. وكانت المؤلفات الموسوعية للرهبان العلماء، والسجلات، والتواريخ التي جمعوها في عناء شديد، كثيرا ما تحتوي على تفصيلات محسوسة للعقائد والعادات الشائعة.

وإذن فنحن بهذا كله نعرف جانبا كبيرا من الآراء والمشاعر التي كانت تجول في خواطر كل أنواع البشر من رجال ونساء في العصور الوسطى، وبخاصة في القرون القلائل الأخيرة منها. لدينا مجموعة من المصادر أشمل مما لدينا عن الإغريق والرومان. وما زلنا بالضرورة نعرف القدر الأكبر عن الطبقات العليا وطبقات المتعلمين؛ إذ لم تظهر الطباعة بعد، دع عنك الصحف والمجلات والإحصاء كما يقوم به معهد جالوب. غير أن المختصين بدراسة الماضي لبثوا أجيالا عدة ينقبون في مراكز الوثائق والمكتبات، يجمعون وينشرون كل جذاذة تسجل شيئا عن العصور الوسطى مما يستطيعون الاستيلاء عليه.

إننا لو أخذنا العصور الوسطى وفقا لرأيها في نفسها قلنا إن المجتمع فيها كان مجتمعا طبقيا، وقد تعرضنا بالدرس في الفصل السابق لدنيا العلماء وما برحت في أواخر العصور الوسطى دنيا رجال الدين. وقد كان هناك عن طريق العقائد والحياة العملية المسيحية شيء من أثر دنيا العلماء ظاهر في دنيا النبلاء، غير أن الطبقات العليا في الغرب كانت لها ثقافتها الخاصة، وهي ثقافة الفروسية. ولم تكن الفروسية أسلوبا من أساليب التفكير المجرد، ولم تكن فلسفة بالمعنى المألوف، وإنما كانت تتعرض لكل ضروب الفكر والمثل، ولارتباطها بطبقة مميزة تركت لنا سجلا وافيا عنها. وأخيرا أقول إن الفروسية كانت تنمو، وتتغير، وكان لها تاريخ، بل إن تاريخ اللفظة ذاتها له جاذبية، إن الفروسية وهي بالإفرنجية

chivalry

لم يعد معناها في أول الأمر كما يبدو «الفرسان من الجنود»

cavalry

أما معناها الحديث في أمريكا فلا يعدو في الظاهر أن يكون نوعا من التأدب الغريب نحو السيدات. أما في أوج العصور الوسطى فقد كانت تعني أسلوبا من العيش.

وتمتد جذور الفروسية إلى تكوين الطبقة الحاكمة الإقطاعية خلال العصور المظلمة. وقد كانت طبقة من ملاك الأراضي، محاربين محترفين، وظلوا قرونا يمثلون وحدهم قوة الشرطة والقوة الحربية في المجتمع. وطبقا لنظام تمليك الأراضي الإقطاعي الذي يقسم الأراضي إلى دوائر، كان أصحاب الأراضي هؤلاء ينخرطون بطريقة معينة في نظام للسلطة ينتهي بالملك أو الإمبراطور. غير أن سلسلة النفوذ كثيرا ما كانت غير واضحة؛ فكان جانب كبير من المبادأة، وجانب كبير من الاستقلال في العمل، يترك للأفراد في هذه الطبقة العليا. والواقع أن نوعا من المساواة الأساسية كان يسود دائما داخل الطبقة بالرغم من الفوارق العظمى في الثراء والسلطان. كان الفارس فارسا، كما أصبح فيما بعد الرجل المهذب (جنتلمان) رجلا مهذبا.

Bilinmeyen sayfa