Fikirler ve İnsanlar: Batı Düşüncesinin Öyküsü
أفكار ورجال: قصة الفكر الغربي
Türler
والاصطلاح الذي يستعمله مؤلف الإنجيل الرابع للتعبير عن هذا الاتحاد المعجز بين الله والإنسان هو «الكلمة». «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله. وكان الكلمة الله ... والكلمة صار جسدا وحل بيننا (ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب) مملوءا نعمة وحقا.»
وقد كتبت ألوف الصفحات عن هذه «الكلمة»، وعما يتعلق بها من تصور ديني عن الروح القدس، التي سعت عن طريقها المسيحية الأرثوذكسية منذ ذلك الحين إلى أن تقدم للمؤمنين حلقة مفهومة عن العالمين المنقسمين، عالم الرب وعالم الإنسان. والإنجيل الرابع بأسره يتركز حول هذه المعجزة - معجزة الإله الإنسان، ولكنه - فيما خلا العبارات التمهيدية المشهورة - ليس رسالة في أصول الدين. إنه تاريخ المسيح، ولكنها حياة تتركز دائما في المسيح باعتباره «الكلمة» التي صارت جسدا. «إن كنت لست أعمل أعمال أبي فلا تؤمنوا بي. ولكن إن كنت أعمل فإن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في وأنا فيه.»
إن الأفكار والمثل في المسيحية الأولى ليست إلا جزءا من تاريخها، حتى عند مؤرخ الفكر. إن أفكار بولس ويوحنا ومئات ممن لم يبلغوا شأوهم في العمل في هذا الحقل كانت تتحول إلى حقائق يلمسها المؤمنون في الطقوس، وفي سلسلة من حفلات التناول المشترك. وكان المؤمنون ينتظمون، ويتماسكون، وتشتد قواهم بما نسميه صراحة في مجتمع غير ديني بالحكومة. وهذان الموضوعان - الطقوس أو الصلاة، والتنظيم الكنسي - لهما أهمية بالغة. ولا يسعنا هنا إلا أن نشير إلى أهميتها بالنسبة إلى أسلوب الحياة المسيحية.
وأهم عمل من أعمال الطقوس في المسيحية هو القربان المقدس. والمصدر الرئيسي للقربان هو الوصف الذي ورد بنصه تقريبا في أناجيل متى ومرقص ولوقا لعشاء المسيح الأخير مع تلاميذه. ويصفه متى بهذه العبارة:
وفيما هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ، وقال خذوا كلوا، هذا هو جسدي. وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلا: اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا.
وهذا مثال رائع لما يراه بعض المؤرخين الطبيعيين إفسادا للحقائق، أو على الأقل إضافة جاءت في وقت متأخر. هنا كثير من أصول الدين، وبخاصة في عبارة «مغفرة الخطايا». إن أمثال هؤلاء المؤرخين يسلمون بأن المسيح نفسه ربما تناول طعاما أخيرا في أسف مع تلاميذه، بل ولعله طلب إليهم أن يذكروه. وهم يسلمون بأن المسيحيين الأوائل وهم يمارسون التناول المشترك للطيبات - وهو ما نعلم أنهم فعلوه - وسموا بعض وجباتهم المشتركة، بعض ولائم المحبة التي أقاموها، بالاحتفال بذكرى المسيح. وهم يسلمون بأن هذا الاحتفال سرعان ما تحول في الواقع إلى سر مقدس، إلى المشاركة في حياة المسيح الإله مشاركة معجزة متجددة دائمة، وهي مشاركة - بل مشاهدة للإله - كتلك التي تحدثنا عنها من قبل عند ذكر ديانات الألغاز عند الإغريق. عندئذ، وعندئذ فقط، صيغت الأناجيل كما نعلم، وأجرى على لسان المسيح قوله: «هذا هو جسدي.»
ومهما يكن ما تنطوي عليه العملية التاريخية، فمن الواضح أن الكنيسة طورت العشاء الرباني في وقت مبكر جدا. والعشاء المقدس - أو التناول المقدس - تطلب أول الأمر أداء بعض الطقوس، وتطلب ثانيا تحقيق هدف ما - وهو هدف روحاني بطبيعة الحال - من أداء هذه الطقوس. إن المؤمن، وسط العشاء المقدس، يأكل قطعة من الخبز ويحتسي قليلا من النبيذ من مائدة مشتركة تحولها قدرة الله المعجزة، التي انتقلت في خيط متصل إلى المسيح ثم إلى تلاميذه ثم إلى رجال الدين، إلى مادة سماوية، هي على التوالي جسد المسيح ودمه. وإذا كان سلوك المؤمن كله وحالته العقلية وقت التناول مسيحيا حقا؛ أي إذا كان في حالة من حالات النعمة، فإن خطاياه السابقة - بهذا العمل - يعفى عنها، وتمحى، ويشهد له أمام الإنسان والله بالانخراط في سلك الصفوة المختارة، أولئك الذين سوف يخلصون ويظفرون بالحياة الأبدية في النعيم.
ويتضح حتى من هذا الحديث الموجز أن مذهب العشاء المقدس - إذا نظرنا إليه كمشكلة عقلية مطلقة - يستدعي تفسيرات متعددة، فإن كلمة «التحول» التي استخدمناها فيما سلف قد تسيء إلى كثير من علماء الدين؛ فهم يصرون على أن الخبز والنبيذ لا «يتحول» بالمعنى السوقي لهذه الكلمة؛ أي لا يتحول كيمويا. وهناك أيضا مشكلات عن دور القسيس. هب أنه قسيس لا قيمة له، وأنه هو نفسه من الآثمين، فهل يكون العشاء المقدس الذي يقدمه صحيحا؟ لقد أجابت الكنيسة الكاثوليكية عن هذا السؤال أخيرا بالإيجاب، وذلك عندما تحداها جماعة من الزنادقة الناشطين (يعرفون بالواهبين) الذين أجابوا بالنفي. وهناك مشكلات تتعلق بالمتناول، أو الذي يتعاطى العشاء المقدس. ما هي حالة النعمة؟ وكيف يتأكد المؤمن أنه في حالة من حالات النعمة؟ وهل لا بد له من التأكد؟ وهناك مشكلات تتعلق بشكل العشاء المقدس كتلك المشكلة التي فرقت فيما بعد بين الكاثوليك والبروتستانت، وهي: هل يتناول المتناول من النوعين (الخبز والنبيذ على السواء) أو من نوع واحد فقط؟
وبرغم أهمية هذه المشكلات من الناحية العقلية في تاريخ المسيحية قديما، فإنه لا ينبغي لنا أن نعطيها كل الأهمية. إن المسيحية تدين بالكثير لتنظيمها، كما تدين بالكثير لأصولها الدينية. والحقيقة الرئيسية التي تتعلق بتنظيم المسيحية الأولى هي نمو التفرقة بين العلمانيين ورجال الدين؛ فالمسيحية - على خلاف مع الوثنية الإغريقية والرومانية - تكونت فيها طبقة أكليريكية تتميز تميزا واضحا عن المؤمنين العلمانيين. وكثير من النقاد يعتقد أن يسوع لم يخطط مثل هذه الكنيسة، ولكن ليس بالإمكان إثبات ذلك. ومن المؤكد أن بداية التفرقة بين العلمانيين والأكليروس ظهرت بظهور المسيحية المنظمة؛ أي عند بداية القرن الثاني قطعا.
وهنا يجب أن نقف مرة أخرى لكي نؤكد العلاقة المتبادلة بين الأفكار وبقية الحياة الإنسانية. إن العقلي المحصن قد يقول إن المسيحية قد وضعت حدا فاصلا قاطعا بين الله والإنسان، بين هذه الدنيا والدار الآخرة، فكان لا بد لها من أن تكون أكليروسا محددا قاطعا يتوسط بين الله والإنسان، كما اضطر مؤلف الإنجيل الرابع إلى إيجاد «كلمته». وقد يقول خصوم العقل المتطرفون إن المسيحية نشأت بين جماعة من رجال الدين «الطبيعيين» المتعطشين إلى السلطان، فكان لا بد من ابتكار أصول دينية تبرر وجود رجال الدين، ومجموعة من الأسرار المقدسة التي تتطلب رجالا للدين يحتكرونه، ولا بد أن يكون لهم سلطان معجز. وفي هذا يخطئ العقليون واللاعقليون على السواء؛ فإن المسيحية قد بدأت في عالم شامل من الحروب، والرق، وكل صنوف الشقاء البشري المنتشر. ونداؤها الأساسي هو نداء الخلاص، والكمال العقلي والروحي في عالم منقسم. والأصول الدينية للمسيحية، وأخلاقها وحكومتها، كلها «عوامل مشتركة في تحديد نموها». كل عامل يؤثر في العوامل الأخرى ويتأثر بها.
Bilinmeyen sayfa