Hekimin Adabı Kitabı
كتاب أدب الطبيب
Türler
وكيف لا يكون بهذا الجهل، وسوء العقل، والبحث، قوم لم يتأدبوا، ولا عرفوا من أمور الدنيا شيئا، إلا مباكرتهم إلى التكسب بالصنائع، وتشاغلهم نهارهم أجمع بالحيلة على جمع الدراهم، ثم إذا انصرفوا إلى منازلهم، تعشوا وناموا؟! كذلك يجرى أمرهم طول زمانهم. أترى من أين يقتنى أمثال هؤلاء أدبا أو علما؟ وهل منزلة هؤلاء، ومن هم بصورتهم من الأطباء، إلا بصورة البهائم التى هى سائرة مع طبعها؟!
ولقد سألنى شيخ من أبناء سبعين سنة، وفوقها، يوما، وقد كنت أشرت عليه بأن يغذى مريضا كان له، كنت أعوده، بمزورة، وهو واقف بين يدى قصاب قد ذبح شاة مسنة هرمة. فقال لى: هل آخذ من هذا اللحم؟ فقلت له: ولم تسألنى عن ذلك؟ فقال: أردت هل يصلح للمزورة التى أشرت بها؟ فنظرت إليه متعجبا منه. فقال لى: أراك تنظر إلى، ولا تجيبنى! قلت: نظرى إليك تعجبا منك، وأنت شيخ، لك فوق السبعين سنة، ولا تعلم أن المزورة لا تكون باللحم! ولو صلح أن تكون بلحم، هل كان يجوز أن تكون من هذا اللحم؟ ليس العجب منك، العجب ممن يدبر مريضا لك! ولم أعد إلى مريضه، خوفا أن يجيئنى ما هو أعظم من هذا، فينسب إلى.
ومثل ذلك أيضا جرى لى مع آخر من السوقة بحلب، كان به إسهال، دفعت إليه سفوفا، وأشرت عليه أن يتغذى بمزورة نيرباج. فلما جاءنى فى الغد شكا وقوف حاله. فأمرته بمعاودة تدبيره بعينه. فأخذ يذم المزورة، ويحلف أنه لن يعاودها. فقلت: لأى سبب؟ فقال: لأنها لم تكن طيبة. فعلمت أنه لم يهتد إلى جودة عملها، لأنه لم يكن خبيرا بالطبيخ، وكان عازبا. فقلت: صف لى كيف عملتها! فقال: أترانى لا أحسن إصلاح مزورة؟ فقلت: وما يضرك أن تعرض على ما عملته؟ قال: دققت الزبيب، وحب الرمان وعزلتهما، ثم وضعت الماء على النار، وثردت الخبز، وقطعت البصلة، وطرحتها مع قليل 〈من〉 الملح، وذلك الزبيب، وحب الرمان، على الخبز المثرود، وصببت عليه الماء الحار، وغطيته قليلا، وأكلته، فما كان طيبا. أحب ألا تصف لى مرة أخرى مزورة، فإنى ما أصبر على عملها!
Sayfa 134