لي طَرِيق التَّحَرُّز والامتناع مِنْهُ فَإِن الْمَرِيض اذا عرف داءه احب ان يعرف دواءه وَهَكَذَا من احب ان يعرف عيب نَفسه يحب ان يعرف الَّذِي يصلح بِهِ عَيبه
فَقَالَ إِن ابْن آدم تكلّف نزُول الطير من جو السَّمَاء فأنزله
وتكلف خُرُوج الْحُوت من قَعْر الْبَحْر فَأخْرجهُ
وتكلف إِخْرَاج الذَّهَب وَالْفِضَّة من بطن الأَرْض فأخرجها
وتكلف اخذ الدَّوَابّ والأنعام والوحوش وَالسِّبَاع من البراري والغياض فَأَخذهَا وذللها وسخرها
وتكلف اخذ الأفاعي والحيات فَأَخذهَا
وتكلف معالجة الشَّيَاطِين فعالجها
وتكلف معرفَة النُّجُوم فِي السَّمَاء وأسماءها ومجاريها ومطالعها وَمَغَارِبهَا وتكلف منَازِل الشَّمْس وَالْقَمَر ومجاريهما ومطالعهما ومغاربهما
وتكلف معرفَة الْوَلَد اذا لم يكن من ابيه فَعرف ذَلِك كُله لما تكلفه
وتكلف مرض الْمَرِيض واسباب علله بِالنّظرِ الى بَوْله من غير ان ينظر اليه فَعرف داءه وَعرف دواءه فَعرف كل ذَلِك
وتكلف تعلم سير الْمُلُوك الْمَاضِيَة من الْقُرُون الأولى فكتبها ودرسها
وكل مَا تكلّف من ذَلِك فَإِنَّمَا حمل نَفسه على تكلفه لطلب الزِّيَادَة من الدُّنْيَا وَلَيْسَ فِي هَذَا من امْر دينه الَّذِي كلفه شَيْء
1 / 108