إذا ذكر أقر، وإذا نسى تعلق قلبه بالأسباب، حتى يفتتن: والأسباب مثل الحصن يدخل فيه الخائف، والسلاح يأخذه فيتقوى، فيكون اعتماده على الحصن والسلاح، وينسى ربه، وكالدواء ليستشفى به، فينسى ربه في شأن الرزق، يطلب ويسعى ويغفل عن ربه حتى يفتتن، فإذا ذكر لا يعمل فيه ذلك الذكر، وجميع الخلق أسباب، القلب حائل بينه وبين رؤيته ذلك من ربه، وهو سبب المعصية والفتنة؛ فإذا استنارت معرفته فعلمت، كانت كالشمس تشرق في قلبه بالأسحار، ولا ظلمة ولا غبار، فصارت الأشياء له معاينة، فتخلص القلب حينئذ من الأسباب، إلى ولي الأسباب، ومنه قول عيسى بن مريم ﵇: لو أن رجلًا مستكمل الإيمان يهز جبلًا لزال عن مكانه؛ ومنه قوله لبعض الحواريين حين أراد أن يلحقه في البحر، فيمشي على الماء معه: هات يدك يا قصي الإيمان، ثم مشى به في موج البحر،
1 / 87