وخبث ما أظهر من نيته
تاه على آدم في سجدة
وصار قوادا لذريته
أو على الأصح أنه قد صار قوادا «خصوصيا» لأبي نواس:
فرده الشيخ عن صعوبته
وصار قوادنا ولم يزل
فمن هنا ننتهي إلى عقدة العقد في طوية الشاعر، وقد أسلفنا أن مثله لا يتعرض كثيرا للعقد النفسية؛ لأنه يبوح برذائله ولا يكتم أقبحها وأفضحها، فلا سبيل للعقد النفسية إلى طويته من قبل هذه الرذائل، ولكن مشكلة النسب المدخول هي العقدة التي غلبته، فكانت من دوافعه إلى إدمان الخمر ومن بواعث الاحتيال عليها بالحيل الملتوية التي يصطنعها «مركب النقص» في أمثال هذه المشكلة.
فبماذا يفخر الفاخرون بالآباء من الآدميين قاطبة أكثر من أنهم أبناء آدم؟ ومع هذا يتيه إبليس على آدم، ولا يتيه على ابنه «أبي نواس» خاصة حين يخدمه، ويكاد يفرغ لخدمته قبل سواه.
بل مع هذا يأبى إبليس أن يسجد لآدم، ولا يأبى أن يسجد للحسن بن هانئ! كما جاء في حديث والبة: «ترى غلامك الحسن بن هانئ؟ قلت: ما شأنه؟ قال: إن له لشأنا، فوالله لأغوين به أمة محمد، ثم أرضى حتى ألقي محبته في قلوب المرائين من أمته وقلوب العاشقين لحلاوة شعره، قال والبة: فعلمت أنه إبليس، قلت: فما عندك؟ قال: عصيت ربي في سجدة فأهلكني، ولو أمرني أن أسجد لهذا ألف سجدة لسجدت».
ورواية القصة على هذا النسق أليق رواياتها بسياقها، وسواء كان والبة قد أوحاها إلى غلامه، أو كان غلامه قد أوحاها إليه، فقد رسخت في ذهن الغلام وأعجبته وارتفعت به هواجس أحلامه وأمانيه إلى الغاية القصوى من الفخر بالآباء، وهل بعد آدم غاية يرتفع إليها أبناء آدم وحواء؟
Bilinmeyen sayfa