Vivere si recte nescis, decede peritis.
Lusisti satis, edisti satis atque bibisti:
Tempus abire tibi est.
اقتربت منه ميريام ولمست أصابعه الباردة في لفتة تعاطف غريزية لا طائل منها، وقالت : «يا له من رجل مسكين! يا له من رجل مسكين!» «كان رولف سيقول إنه أسدى إلينا خدمة. فلن يضيع الوقت في إقناعه الآن.» «لماذا أقدم على ذلك؟ ماذا كتب في الملاحظة؟» «إنه قول مقتبس عن هوراس. وهو يعني أنه: لا جدوى من نزع شوكة واحدة إن طالتك شوكات عدة. إن لم يكن بإمكانك أن تحيا حياة جيدة، فالأحرى بك أن تغادر الحياة. على الأرجح وجد ذلك الاقتباس في «كتاب أكسفورد للاقتباسات».»
كان الجزء المكتوب تحته بالإنجليزية أوضح وأكثر اقتضابا: «أعتذر عن الفوضى. تبقت رصاصة واحدة في المسدس.» تساءل ثيو إن كان ذلك تحذيرا أم دعوة؟ وما الذي دفع جاسبر إلى أن يقدم على ذلك الفعل؟ أكان الندم، أم الوحدة، أم اليأس، أم إدراكه أن الألم كان لا يمكن أن يشفى حتى بعد أن نزعت الشوكة؟ قال: «على الأرجح ستجدين الأغطية والبطاطين بالأعلى. سأتولى أنا أمر المؤن.»
كان سعيدا لأنه ارتدى معطفه الريفي الطويل. فالجيب الداخلي ببطانته سيكفي بسهولة لوضع المسدس به. تأكد من أن حجيرة المسدس تحوي بالفعل رصاصة واحدة، ثم أخرجها ودس المسدس والرصاصة في جيبه.
كان المطبخ، بأسطحه الخاوية، وصف فناجين معلقة من مقابضها في خط مستقيم، قذرا لكنه كان مرتبا ولم يكن يوجد ما يدل على أنه استخدم من قبل إلا منشفة صحون مكرمشة، من الواضح أنها غسلت حديثا، وفردت على حامل الأطباق الفارغ لتجف. وكانت النغمة الناشزة الوحيدة في تلك المعزوفة المحكمة هي حصيرتان لفتا وأسندتا إلى الحائط. هل كان جاسبر ينوي أن يقتل نفسه هنا لكنه قلق من أن يصعب تنظيف الأرضية الحجرية من الدماء؟ أم كان ينوي أن يمسح الأرضية مرة أخرى ثم أدرك تفاهة اهتمامه الأخير بالمظاهر؟
كان باب مخزن المؤن غير موصد. بعد خمسة وعشرين عاما من الاقتصاد والتدبير الحريص، وبعد أن صار لا يحتاج إلى مخزونه المكتنز، تركه مفتوحا، كما ترك حياته لينهبها العابرون. هنا أيضا كان كل شيء مرتبا ومنظما. ارتصت على الحوامل الخشبية علب كبيرة من القصدير، ملفوف حول حوافها شريط لاصق. كان على كل منها ملصق مكتوب بخط يد جاسبر الأنيق: «لحم»، «فواكه معلبة»، «مسحوق حليب»، «سكر»، «قهوة»، «أرز»، «شاي»، «دقيق». أثار منظر الملصقات، والأحرف المخطوطة عليها بعناية، في نفس ثيو رجفة بسيطة من التعاطف، كانت مؤلمة وثقيلة، موجة من الشفقة والندم، لم يستحثهما منظر دماغ جاسبر المبعثرة ولا بقعة الدماء التي كانت تلطخ صدره. تركها تتملكه لوهلة ثم ركز على مهمته التي كان بصددها. كان أول ما خطر على باله هو أن يبعثر العبوات على الأرض ثم يختار مجموعة من الأشياء التي يرجح أن يحتاجوها، على الأقل في الأسبوع الأول، لكنه قال في نفسه إن الوقت لن يتسع لذلك. فحتى نزع الشريط اللاصق كان سيؤخره. من الأفضل أن يأخذ مجموعة دون أن يفتحها، من كل من اللحم ومسحوق الحليب والفواكه المجففة، والسكر والخضراوات المعلبة. كانت العلب الأصغر المكتوب عليها «أدوية» و«حقن»، و«أقراص منقية للماء»، و«أعواد ثقاب» اختيارات واضحة، وكذلك كانت البوصلة. لكن قرار أخذ موقدي الكيروسين كان أصعب. كان أحدهما موقدا من طراز قديم له شعلة واحدة، أما الآخر فكان أحدث، وأضخم، وله ثلاث شعلات، استثناه لأنه كان سيشغل حيزا كبيرا. شعر بالاطمئنان عندما عثر على علبة كيروسين وعلبة تحوي جالونين من الوقود. كان يأمل ألا يكون خزان الوقود بالسيارة فارغا.
كان بوسعه أن يسمع حركة ميريام السريعة الخافتة بالأعلى، وبينما كان عائدا بعد أن نقل الدفعة الثانية من العبوات للسيارة، قابلها تنزل السلم وهي تحمل أربع وسادات.
قالت: «لا بأس من أن نكون مرتاحين أيضا.» «ستشغل حيزا لا بأس به. هل جلبت كل ما تحتاجينه للولادة؟» «جلبت عددا كافيا من المناشف والأغطية. وبإمكاننا أن نجلس على الوسائد. ويوجد أيضا خزانة أدوية في غرفة النوم. أفرغت محتوياتها كلها، ووضعتها داخل غطاء وسادة. سيكون المطهر مفيدا، لكن أغلبها أدوية بسيطة؛ أسبرين وبيكربونات وشراب للسعال. هذا المنزل به كل شيء. خسارة أننا لا نستطيع أن نمكث هنا.»
Bilinmeyen sayfa