نظرت إليه ولأول مرة رأى شيئا من التوتر في عينيها النبيهتين. قال إنه يرغب بشدة في ذلك.
عادت في غضون ثلاث دقائق فتبعها في الردهة الضيقة إلى غرفة جلوس خلفية. كانت غرفة صغيرة تكاد تكون خانقة، تكتظ بأثاث قديم الطراز. لاحظ قماش ستائر باهتا ورف مدفأة مزدحما بتماثيل خزفية صغيرة لحيوانات، ووسائد مصنوعة من قصاصات القماش المجمعة على الكراسي المنخفضة المجاورة للمدفأة، وصورا فوتوغرافية موضوعة داخل إطارات فضية ورائحة اللافندر. بدت له الغرفة ملاذا، تحوي داخل حوائطها، المغطاة بورق حائط منقوش بالورود، الراحة والأمان، شعورين لم ينعم بهما قط في طفولته المشحونة بالتوتر والقلق.
قالت: «أخشى أن ليس لدي الكثير في الثلاجة الليلة، لكن بإمكاني أن أقدم لك حساء وعجة بيض.» «سيكون ذلك رائعا.» «الحساء ليس مطهوا بالمنزل، للأسف، لكني أمزج علبتين منه كي أجعل طعمه أفضل وأضيف له القليل من شيء، مثل البقدونس المقطع أو البصل. أعتقد أنك ستجده لذيذا. هل تريد تناوله في غرفة الطعام أم هنا في غرفة الجلوس أمام المدفأة؟ أعتقد أن هنا أكثر راحة لك.» «أريده هنا من فضلك.»
استقر في كرسي منخفض ظهره مزين بالأزرار، ومدد رجليه أمام المدفأة الكهربائية، وراقب البخار المتصاعد من بنطاله الذي بدأ يجف. أحضر الطعام بسرعة، الحساء أولا، الذي وجده مزيجا من الفطر والدجاج المرشوش بالبقدونس. كان ساخنا ولذيذا على غير المتوقع، وكان رغيف الخبز والزبد اللذين جاءا معه طازجين. ثم أحضرت له عجة بيض بالأعشاب. سألته إن كان يريد الشاي أم القهوة أم الكاكاو. كان ما يريده هو مشروبا كحوليا، لكن بدا أن ذلك لم يكن متوفرا. اختار الشاي الذي تركته يحتسيه وحده مثلما تركته قبلئذ أثناء تناوله لوجبته.
عندما انتهى، عاودت الظهور، وكأنما كانت تنتظر عند الباب، وقالت: «لقد أعددت لك الغرفة الخلفية. من المريح أحيانا أن يبتعد المرء عن صوت البحر. ولا تقلق بشأن تهوية الفراش. فأنا أحرص بشدة على تهوية الفرش. وضعت لك قربتين ساخنتين تحت الغطاء. بإمكانك أن تتخلص منهما إن شعرت بالحر الشديد. شغلت سخان المياه؛ لذا إن أردت الاستحمام فستجد مياها ساخنة تكفي لذلك.»
كانت أطرافه تؤلمه من الاستلقاء على الرمال الرطبة لساعات، وتصور أن تمديدها في المياه الساخنة مغر. لكن بعد أن سكن جوعه وارتوى عطشه، طغى عليه التعب. كان حتى الاستحمام مرهقا للغاية.
قال لها: «سأستحم في الصباح إن سمحت.»
كانت غرفته في الطابق الثاني، وكانت خلفية كما وعدته. تنحت جانبا وهو يدخلها، وقالت: «أخشى أنه ليس لدي منامة كبيرة تناسب مقاسك، لكن لدي فضال قديم جدا يمكنك أن ترتديه. كان لزوجي.»
لم يبد أن عدم إحضاره أي ملابس نوم معه قد أخافها أو أقلقها. كانت توجد مدفأة كهربائية موصلة بالكهرباء بالقرب من الموقد الفيكتوري. انحنت لتطفئها قبل أن تغادر وأدرك أن السعر الذي تطلبه للغرفة لن يغطي تكاليف تدفئة الغرفة طوال الليل. لكنه لم يحتج إليها. فما إن أغلقت الباب خلفها، حتى خلع ملابسه ورفع أغطية السرير واندس تحتها في الدفء والراحة والنسيان.
قدم له الإفطار صباح اليوم التالي في غرفة الطعام في الطابق الأرضي في الجانب الأمامي من المنزل. كان بها خمس طاولات، غطي كل منها بمفرش أبيض نظيف وزهرية بها زهور اصطناعية، لكن لم يجد أي نزلاء آخرين.
Bilinmeyen sayfa