72

Al-Zuhd li-Ibn Abīʾl-Dunyā

الزهد لابن أبي الدنيا

Publisher

دار ابن كثير

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

Publisher Location

دمشق

Regions
Iraq
٢٠٩ - وَكَتَبَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ صَالِحٍ الْكُوفِيُّ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَيْفُ بْنُ عُمَرَ الْأُسَيِّدِيُّ، عَنْ بَدْرِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَمِّهِ، قَالَ: آخِرُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا عُثْمَانُ فِي جَمَاعَةٍ: إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَعْطَاكُمُ الدُّنْيَا لِتَطْلُبُوا بِهَا الْآخِرَةَ، وَلَمْ يُعْطِكُمُوهَا لِتَرْكَنُوا إِلَيْهَا، إِنَّ الدُّنْيَا تَفْنَى، وَالْآخِرَةَ تَبْقَى، لَا تَبْطَرَنَّكُمُ الْفَانِيَةُ، وَلَا تُشْغِلَنَّكُمْ عَنِ الْبَاقِيَةِ، آثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى، فَإِنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ، وَإِنَّ الْمَصِيرَ إِلَى اللَّهِ ﷿، اتَّقُوا اللَّهَ، وَالْزَمُوا جَمَاعَتَكُمْ، وَلَا تَصِيرُوا أَحْزَابًا، ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ [آل عمران: ١٠٣] إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ "
٢١٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيِّ، عَنْ مُعَاذٍ الْحَذَّاءِ، قَالَ: سَمِعَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ﵇ رَجُلًا يَسُبُّ الدُّنْيَا، فَقَالَ لَهُ: ⦗١٠٤⦘ إِنَّهَا لَدَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَّقَهَا، وَدَارُ عَافِيَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا، وَدَارُ غِنًى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا، وَمَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَهْبِطُ وَحْيِهِ، وَمُصَلَّى مَلَائِكَتِهِ، وَمَتْجَرُ أَوْلِيَائِهِ، اكْتَسَبُوا فِيهَا الرَّحْمَةَ، وَرَبِحُوا فِيهَا الْجَنَّةَ، فَمَنْ ذَا يَذُمُّ الدُّنْيَا، وَقَدْ آذَنَتْ بِفِرَاقِهَا، وَنَادَتْ بَيْنَهَا، وَنَعَتْ نَفْسَهَا وَأَهْلَهَا، فَمَثَّلَتْ بِبَلَائِهَا الْبَلَاءَ، وَشَوَّقَتْ بِسُرُورِهَا إِلَى السُّرُورِ، فَذَمَّهَا قَوْمٌ عِنْدَ النَّدَامَةِ، وَحَمِدَهَا آخَرُونَ حَدَّثَتْهُمْ فَصَدَّقُوا، وَذَكَّرَتْهُمْ فَذَكَرُوا، فَيَا أَيُّهَا الْمُعْتَلُّ بِالدُّنْيَا، الْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا مَتَى اسْتَهْوَتْكَ الدُّنْيَا، بَلْ مَتَى غَرَّتْكَ ألِمَضَاجِعِ آبَائِكَ مِنَ الثَّرَى؟ أَمْ بِمَصَارِعِ أُمَّهَاتِكَ مِنَ الْبِلَى؟ كَمْ قَدْ قَلَّبْتَ بِكَفَّيْكَ وَمَرِضْتَ بِيَدَيْكَ، تَطْلُبُ لَهُ الشِّفَاءَ، وَتَسْأَلُ لَهُ الْأَطِبَّاءَ، لَمْ تَظْفَرْ بِحَاجَتِكَ، وَلَمْ تُسْعَفْ بِطَلِبَتِكَ، قَدْ مَثَّلَتْ لَكَ الدُّنْيَا بِمَصْرَعِهِ مَصْرَعَكَ غَدًا، يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْكَ بُكَاؤُكَ، وَلَا يَنْفَعُكَ أَحِبَّاؤُكَ

1 / 103