185

Al-Zuhd li-Ibn Abīʾl-Dunyā

الزهد لابن أبي الدنيا

Publisher

دار ابن كثير

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

Publisher Location

دمشق

Genres

Sufism
٥٠٩ - حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ مَالِكٍ، نا أَبُو عُبَيْدَةَ النَّاجِيُّ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: «طَالِبَانِ يَطْلُبَانِ، فَطَالِبُ الْآخِرَةِ مُدْرِكٌ بِمَا طَلَبَ، لَا فَوْتَ بِهِ عَلَيْهِ، وَطَالِبُ الدُّنْيَا عَسَى أَنْ يُصِيبَ مِنْهَا قَلِيلًا، وَمَا يَفُوتُهُ مِنْهَا أَكْثَرُ، إِنَّ الدُّنْيَا لَمَّا فُتِحَتْ عَلَى أَهْلِهَا كَلِبُوا وَاللَّهِ أَشَدَّ الْكَلَبِ، حَتَّى عَدَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالسَّيْفِ، وَحَتَّى اسْتَحَلَّ بَعْضُهُمْ حُرْمَةَ بَعْضٍ، فَيَا لِهَذَا فَسَادًا مَا أَكْثَرَهُ»
٥١٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ أَبُو عَمْرٍو النَّجْدِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ صَالِحًا الْمُرِّيَّ، يَقُولُ فِي كَلَامِهِ: «وَكَيْفَ تَقَرُّ بِالدُّنْيَا ⦗٢٢٠⦘ عَيْنُ مَنْ عَرَفَهَا؟» قَالَ: ثُمَّ بَكَى، وَيَقُولُ: «خَلَفُ الْمَاضِينَ، وَبَقِيَّةُ الْمُتَقَدِّمِينَ، رَحِّلُوا أَنْفُسَكُمْ عَنْهَا قَبْلَ الرَّحِيلِ، فَكَأَنَّ الْأَمْرَ عَنْ قَرِيبٍ قَدْ نَزَلَ» قَالَ: ثُمَّ بَكَى وَأَنْشَدَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ:
[البحر البسيط]
إِنَّا عَلَى قُلْعَةٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ ... نُسَاقُ عَنْهَا بِإِمْسَاءٍ وَإِبْكَارِ
نَبْكِي وَنَنْدُبُ آثَارَ الَّذِينَ مَضَوْا ... وَسَوْفَ تَلْحَقُ آثَارٌ بِآثَارِ
طَالَتْ عِمَارَتُنَا الدُّنْيَا عَلَى غَرَرٍ ... وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّا غَيْرُ عُمَّارِ
يَا مَنْ تُحَثُّ بِتِرْحَالٍ عَلَى عَجَلٍ ... لَيْسَ الْمَحَلَّةُ غَيْرَ الْفَوْزِ وَالنَّارِ
فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ فِي مَهَلٍ ... غَدًا تَفُوزُ وَيَشْقَى كُلُّ مُخْتَارِ
وَاتْرُكْ مُفَاخَرَةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ... يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَوْمُ الْفَخْرِ وَالْعَارِ
وَأَنْشَدَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ أَيْضًا:
[البحر السريع]
هَلْ غَايَةُ الدُّنْيَا وَإِنْ نِلْتَهَا ... إِلَّا ثَرَى قَبْرٍ وَمَلْحُودِ
فَاعْمَلْ لِمَا تَرْجُو وَمَا يَبْقَى ... وَالْحَبْلُ بِالْمُهْلَةِ مَمْدُودُ

1 / 219