قال: لقد تمت ولادتي في الأفغان، وأسرتي عربية مسلمة تنتمي إلى الحسن بن علي بن أبي طالب. - وما هو سر اهتمامك ببلاد أخرى غير الأفغان؟
قال: لقد نظرت إلى الشرق وأهله، واستوقفتني الأفغان، وهي أول أرض مس جسمي ترابها، ثم الهند وفيها تثقف عقلي، فإيران بحكم الجيران والروابط، فجزيرة العرب من حجاز ويمن ونجد، والعراق، والشام، والأندلس.
الشرق، الشرق، وقد خصصت جهاز دماغي لتشخيص دائه وتحري دوائه، فوجدت أقتل أدوائه داء انقسام أهله، وتشتت آرائهم واختلافهم على الاتحاد، واتحادهم على الاختلاف، فعملت على توحيد كلمتهم، وتنبيههم للخطر المحدق بهم. - هل مارست السياسة في بلد آخر غير مصر؟
قال: مارستها في بلدي، ووصلت فيها إلى مركز رسمي يماثل منصب الوزير، ولكن المناصب وسيلة وليست غاية، وقد حاولت أن أنقذ الأفغان من تدخل الدول الأجنبية، فلما لم أستطع توجهت إلى فارس، وهناك اختلفت مع الشاه؛ لأنه يريد أن يقيم عرشه على جماجم الشعب، كما هو الحال هنا وفي كل بلد يحكمه ملك. - ألا يمكن أن يكون الملك عادلا؟
قال: يمكن أن يكون عادلا إذا أصبح تاجه بلا رأس، أو أصبح رأسه بلا تاج! - كم سنة أقمت في مصر؟
قال: أكثر من ثماني سنوات، وكنت قد زرتها قبل ذلك، وأقمت فيها شهرين، ثم عدت إليها في أول المحرم عام 1288 (مارس 1871)، وظللت فيها إلى اليوم؛ يوم 23 أغسطس من عام 1879. - وما الذي جذبك إلى مصر؟
قال: ما جذبني إلى غيرها من بلاد تعاني شعوبها الظلم والعبودية، مثل: فارس، والهند، والحجاز، وتركيا ... وقد حاولت في تلك البلاد أن أغرس شجرة الإصلاح الديني والتحرر الاجتماعي والسياسي، ولكني لم أجد التربة والجو لنمو هذه الشجرة إلا هنا، في مصر. - وهل نمت الشجرة؟
قال: ستنمو حتما. - ما هو الإصلاح الديني الذي تنشده؟
قال: إعادة الصداقة بين العلم والدين، ولكي نصلح الدين يجب أن نعود إلى الأصل وهو القرآن والصحيح من الأحاديث، والاستنتاج بالقياس على ما ينطبق على العلوم العصرية وحاجات الزمان وأحكامه، وأن نفتح باب الاجتهاد، وأن نقضي على التفرقة بين أهل السنة وأهل الشيعة؛ فهذه التفرقة أحدثتها مطامع الملوك.
إن الأديان الثلاثة أساسها واحد، وقد وسع شقة الخلاف بينها تجارة رؤساء الأديان بها. - أظن أن هؤلاء التجار هم الذين يرمونك بالإلحاد.
Unknown page