ربا فيه ( مثل الربا ) مثل البيع الذي فيه الربا ، يعني : نظموا الربا والبيع في سلك واحد ، لإفضائهما إلى الربح ، فاستحلوا الربا استحلال البيع ، قياسا على البيع. وهذا باطل ، لأن القياس المخالف للنص باطل اتفاقا. وكان أصل الكلام : إنما الربا مثل البيع ، ولكن عكس للمبالغة ، كأنهم جعلوا الربا أصلا وقاسوا به البيع.
ثم أنكر تسويتهم ، وأبطل قياسهم الربا على البيع ، فقال : ( وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه ) فمن بلغه وعظ من ربه وزجر ، كالنهي عن الربا ( فانتهى ) فاتعظ وتبع النهي وامتنع منه ( فله ما سلف ) أي : ما تقدم من أخذه الربا وأكله قبل النهي عنه ، فلا يؤاخذ بما مضى منه ، ولا يسترد منه. وقال الباقر عليه السلام : «من أدرك الإسلام ، وتاب مما كان عمله في الجاهلية ، وضع الله عنه ما سلف».
و «ما» في موضع الرفع بأنه فاعل الظرف ، إن جعلت «من» موصولة ، وبالابتداء إن جعلت شرطية ، على رأي سيبويه ، إذ الظرف غير معتمد على ما قبله.
( وأمره إلى الله ) بأن يجازيه على انتهائه إن كان عن قبول الموعظة وصدق النية. وقيل : يحكم في شأنه ولا اعتراض لكم عليه.
( ومن عاد ) إلى تحليل الربا بعد التحريم ، إذ الكلام فيه ( فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) لأن ذلك لا يصدر إلا من كافر مستحل للربا ، فلهذا توعد بعذاب الأبد.
ثم أكد سبحانه ما تقدم بقوله : ( يمحق الله الربا ) أي : ينقص ويذهب ببركته ، أو يهلك المال الذي يدخل فيه حالا بعد حال إلى أن يتلف المال كله ( ويربي الصدقات ) أي : ينمي ما يتصدق به ، بأن يضاعف عليه الثواب ، ويزيد المال الذي أخرجت منه الصدقة ، ويبارك فيه. وعنه صلى الله عليه وآلهوسلم : «أن الله يقبل الصدقات ،
Page 430