413

في الجهاد ، وأما غيره من الطاعات فإنما يجزى بالواحدة عشرة أمثالها ( كمثل حبة ) أو مثلهم كمثل باذر حبة ( أنبتت ) أخرجت ( سبع سنابل )، أسند الإنبات إلى الحبة لما كانت من الأسباب ، كما يسند إلى الأرض والماء ، والمنبت على الحقيقة هو الله تعالى. والمعنى : أنه يخرج منها ساق يتشعب منه سبع شعب ( في كل سنبلة ) منها ( مائة حبة ). وهذا التمثيل لا يقتضي وقوعه ، وقد يكون في الذرة والدخن ، وفي البر في الأراضي المغلة. والغرض منه تصوير مضاعفة الحسنات ، كأنها موضوعة بحذاء العين.

( والله يضاعف ) تلك المضاعفة ، أي : يزيد على سبعمائة ( لمن يشاء ) بفضله ، وعلى حسب حال المنفق من إخلاصه وتعبه ( والله واسع ) لا يضيق عليه ما يتفضل به من الزيادة ( عليم ) بنية المنفق وقدر إنفاقه واستحقاقه الزيادة.

روي : «أنه لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم : رب زد لأمتي ، فنزل قوله : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ) (1)، فقال : رب زد لأمتي ، فنزل : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) (2)».

ولما أمر سبحانه بالإنفاق عقبه ببيان كيفية الإنفاق ، فقال : ( الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى ). المن : أن يعتد على من أحسن إليه بإحسانه ، ويريد أنه أوجب عليه حقا له ، بأن يقول له : ألم أعطك كذا؟ ألم أحسن إليك؟ ألم أغنك؟ ونحوها. والأذى : أن يتطاول عليه بسبب ما أنعم عليه ، بأن يقول له : أراحني الله منك ومن ابتلائي بك. ويحتمل أن يكون معنى الأذى أن يعبس وجهه عليه ، أو يؤذيه بما يدفعه إليه. و «ثم» للتفاوت بين الإنفاق وترك المن والأذى ، وأن تركهما خير من الإنفاق ، كما جعل الاستقامة على الإيمان

Page 418