بمعروف ، أي : على وجه سائغ في الشرع. وهو كناية عن ردها إلى النكاح ، إما بالرجعة إن كانت العدة باقية ، أو باستئناف العقد إن انقضت ( أو تسريح بإحسان ) بالطلقة الثالثة (1).
روي أن سائلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم : أين الثالثة؟ فقال صلى الله عليه وآلهوسلم : هي قوله تعالى : ( أو تسريح بإحسان ). وعند بعضهم المراد بقوله : ( أو تسريح بإحسان ) ترك المعتدة حتى تبين بانقضاء العدة. وهو المروي عن الباقر والصادق عليهما السلام . وهو الأصح ، لأن الطلاق لا يقع عندنا بالكناية ، بل بالتصريح.
روي أن جميلة بنت عبد الله بن أبي كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس ، وكانت تبغضه وهو يحبها ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم فقالت : يا رسول الله لا أنا ولا ثابت ، لا يجمع رأسي ورأسه شيء ، والله ما أعتب عليه في دين ولا خلق ، ولكني أكره الكفر في الإسلام يعني : أكره أن أقع في الكفر بسبب بغضه ما أطيقه بغضا ، إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة فإذا هو أشدهم سوادا ، وأقصرهم قامة ، وأقبحهم وجها. وكان ثابت قد أصدقها حديقة ، فقال : يا رسول الله مرها فلترد علي الحديقة ، فقال صلى الله عليه وآلهوسلم : ما تقولين؟ قالت : نعم وأزيده ، قال : لا حديقته فقط ، فقال لثابت : خذ منها ما أعطيتها وخل سبيلها ، فاختلعت منه بها ، وهو أول خلع كان في الإسلام ، فنزلت ( ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا ) من المهور. والخطاب مع الحكام. وإسناد الأخذ والإيتاء إليهم ، لأنهم الآمرون بهما عند الترافع ، أو مع لأزواج ، وما بعده خطاب للحكام ، ومثل ذلك غير عزيز في القرآن.
فثنى الضمير بعد ذلك بالنسبة إلى الزوجين ، فقال : ( إلا أن يخافا ) أي : يخاف الزوجان ( ألا يقيما حدود الله ) بأن تركا إقامة أحكامه تعالى فيما يلزمهما من مواجب الزوجية ، لما يحدث من نشوز المرأة وسوء خلقها.
Page 364