الكتب ، وكل فريق منهما قالوا للمؤمنين : كونوا على ديننا ، فنزلت ( وقالوا ) أي : أهل الكتاب من اليهود والنصارى ( كونوا هودا أو نصارى ) «أو» للتنويع. والمعنى : مقالتهم أحد هذين القولين ، فقالت اليهود : كونوا هودا ، وقالت النصارى : كونوا نصارى ( تهتدوا ) تصيبوا طريق الحق. هذا جواب الأمر.
( قل بل ملة إبراهيم ) أي : بل نكون ملة إبراهيم ، أي : أهل ملته ، أو بل نتبع ملة إبراهيم ( حنيفا ) مائلا عن كل دين باطل إلى دين الحق ، حال من المضاف أو المضاف إليه ، كقولك : رأيت وجه هند قائمة. وأصل الحنف الميل في القدمين. وتحنف إذا مال.
وقوله ( وما كان من المشركين ) عطفا على «حنيفا» تعريض بأهل الكتاب وغيرهم ، لأن كلا منهم يدعي اتباع إبراهيم وهو على الشرك.
( قولوا آمنا بالله ) الخطاب للمؤمنين ، لقوله : ( فإن آمنوا بمثل ما آمنتم ) (1) أمرهم سبحانه بإظهار ما تدينوا به على الشرع ، فبدأ بالإيمان بالله ، لأنه أول الواجبات بالإضافة إلينا ، أو سبب للإيمان بغيره.
ثم ثنى بالإيمان بالقرآن والكتب المنزلة على الأنبياء ( وما أنزل إلينا ) أي : بالقرآن ، قدمه على سائر الكتب لتقدمه بالشرف ، وإن كان متأخرا بالزمان ( وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ) أي : بالصحف ، وهي وإن نزلت إلى إبراهيم ، لكنهم لما كانوا متعبدين بتفصيلها داخلين تحت أحكامها ، فهي أيضا منزلة إليهم ، كما أن القرآن منزل إلينا.
والأسباط جمع سبط ، وهو الحافد. يريد به حفدة يعقوب ، أو أبناء يعقوب وذراريهم ، فإنهم حفدة إبراهيم وإسحاق عليهما السلام ، وكان الحسن والحسين عليهما السلام سبطي رسول الله ، أي : حافديه.
Page 247