الفانية ، من حيث إنه طهرة من الشرك ووصلة إلى الحياة الأبدية والبهجة السرمدية.
وقوله : ( فتاب عليكم ) متعلق بمحذوف إن جعلته من كلام موسى عليه السلام لهم ، تقديره : إن فعلتم ما أمرتم به فقد تاب عليكم ، أو عطف على محذوف إن جعلته خطابا من الله لهم على طريقة الالتفات ، كأنه قال : ففعلتم ما أمرتم به فتاب عليكم بارؤكم. وذكر البارئ مكررا وترتيب الأمر عليه إشعار بأنهم بلغوا غاية الجهالة والغباوة ، حتى تركوا عبادة خالقهم الحكيم إلى عبادة البقرة التي هي مثل في الغباوة ، وأن من لم يعرف حق منعمه حقيق بأن يسترد منه ، ولذلك أمروا بالقتل.
( إنه هو التواب ) الذي يكثر توفيق التوبة أو قبولها من المذنبين ( الرحيم ) الذي يبالغ في الإنعام عليهم.
( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك ) لأجل قولك ، أو لن نقر لك بأن الذي أعطاك التوراة وكلمك هو الله ، أو بأنك نبي ( حتى نرى الله جهرة ) عيانا. وهي في الأصل مصدر قولك : جهرت بالقراءة ، استعيرت للمعاينة. ونصبها على المصدر ، لأنها نوع من الرؤية ، أو الحال من الفاعل أو المفعول ، أي : ذوي جهرة. قيل : إن القائلين هذا القول هم السبعون الذين اختارهم موسى للميقات فصعقوا. وقيل : عشرة آلاف من قومه.
( فأخذتكم الصاعقة ) نار وقعت من السماء فأحرقتهم. وقيل : صيحة جاءت من السماء. وقيل : جنود سمعوا بحسيسها فخروا صعقين ميتين يوما وليلة ، لفرط العناد والتعنت وطلب المستحيل ، فإنهم ظنوا أنه تعالى يشبه الأجسام فطلبوا رؤيته. ( وأنتم تنظرون ) ما أصابكم.
( ثم بعثناكم ) أحييناكم لاستكمال آجالكم ( من بعد موتكم ) بسبب الصاعقة. وقيد البعث بما بعد الموت لأنه قد يكون عن إغماء أو نوم ، كقوله تعالى :
Page 151