والخشوع : التطامن والإخبات ، والخضوع : اللين والانقياد ، ولذلك يقال : الخشوع بالجوارح والخضوع بالقلب.
( الذين يظنون ) يتوقعون ( أنهم ملاقوا ربهم ) لقاء ثوابه ( وأنهم إليه ) إلى نيل ما عنده ( راجعون ) أو يتيقنون أنهم يحشرون إلى الله فيجازيهم ، وكأن الظن لما شابه العلم في الرجحان اطلق عليه ، لتضمن معنى التوقع ، ولا يجوز أن يكون المراد من اللقاء رؤية الله ، لاستحالة إطلاقها عليه كما قرر في الكلام.
( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ) قد مر (1) تفسيره ، وكرره للتأكيد ، أو ذكر الأول مجملا وهذا مفصلا ، أو في الأول ذكرهم نعمه على أنفسهم ، وفي الثاني على آبائهم.
( وأني فضلتكم ) عطف على نعمتي ، أي : اذكروا تفضيلي آباءكم ( على العالمين ) أي : عالمي زمانهم ، لأن أمتنا أفضل الأمم بالإجماع ، كما أن نبينا عليه السلام أفضل الأنبياء ، بدليل قوله : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) (2) فيريد تفضيل آبائهم الذين كانوا في زمان موسى عليه السلام وبعده قبل أن يغيروا دينهم بما منحهم من العلم والإيمان والعمل الصالح ، وجعلهم أنبياء وملوكا مقسطين.
وقيل : المراد به تفضيلهم في أشياء مخصوصة ، وهي إنزال المن والسلوى ، وما أرسل الله فيهم من الرسل ، وأنزل عليهم من الكتب ، إلى غير ذلك من النعم العظيمة ، مثل تغريق فرعون ، والآيات الكثيرة التي يخف معها الاستدلال ، ويسهل بها الميثاق. وتفضيل الله إياهم في أشياء مخصوصة لا يوجب أن يكونوا أفضل الناس على الإطلاق ، كما يقال : حاتم أفضل الناس في السخاء.
Page 142