274

Zubdat al-halab min tarih Halab

زبدة الحلب من تاريخ حلب

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

وبقي الحلبيون عند تمرتاش يحثونه على التوجه إلى حلب، وهو يعدهم ولا يفعل، وهم يقولون له: نريد منك أن تصل بنفسك، والحلبيون يكفونك أمرهم. فضاق الأمر بالحلبيين إلى حد أكلوا فيه الكلاب والميتات، وقلت الأقوات، ونفد ما عندهم، وفشا المرض فيهم، فكان المرضى يئنون لشدة المرض، فإذا ضرب البوق لزحف الفرنج قام المرضى كأنما أنشطوا من عقال، وزحفوا إلى الفرنج وردوهم إلى خيامهم، ثم يعودون إلى مضاجعهم. فكتب جدي أبو الفضل هبة الله بن القاضي أبي غانم كتابًا إلى والده يخبره بما آل أمر حلب إليه من الجوع وأكل الميتات والمرض، فوقع كتابه في يد تمرتاش فغضب وقال: انظروا إلى هولاء يتجلدون علي، ويقولون إذا وصلت فأهل حلب يكفونك أمرهم، ويغررون بي حتى أصل في قلة، وقد بلغ بهم الضعف إلى هذه الحالة. رابعًا أق سنقر البرسقي ثم أمر بالتوكيل والتضييق عليهم، فشرعوا في إعمال الحيلة والهرب إلى أق سنقر البرسقي، ليستصرخوا به فاحتالوا على الموكلين بهم، حتى ناموا وخرجوا هاربين، فأصبحوا بدارا. وساروا حتى أتوا الموصل، فوجدوا البرسقي مريضًا مدنفًا، والناس قد منعوا من الدخول عليه إلا الأطباء، والفروج يدق له لشدة الضعف. ووصل إلى دبيس من أخبره بذلك، فضرب البشارة في عسكره، وارتفع عنده التكبير والتهليل، ونادى بعض أصحابه أهل حلب: قد مات من أملتم نصره. فكادت أنفس الحلبيين تزهق. واستؤذن للحلبيين على البرسقي فأذن لهم، فدخلوا إليه، واستغاثوا به، وذكروا له ما أهل حلب فيه من الضر، فأكرمهم ﵀ وقال لهم: ترون ما أنا فيه الآن من المرض، ولكن قد جعلت لله علي نذرًا إن عافاني من مرضي هذا لأبذلن جهدي في أمركم، والذب عن بلدكم، وقتال أعدائكم. قال القاضي أبو غانم قاضي حلب: فما مضى ثلاثة أيام بعد ذلك حتى فارقته الحمى، فأخرج خيمته، ونادى في العساكر بالتأهب للجهاد إلى حلب. وبقي أيامًا وعمل العسكر أشغاله وخرج ﵀ في عسكر قوي، فوصل

1 / 294