221

Zubdat al-fikrat fi tarih al-higrat

زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة

Genres

History

وكانت الأخبار قد بلغته بقتل السلطان أحمد واستقرار ارغون في الملك بعده وان فرقة من التتار تقدير أربعة آلاف فارس حضرت مقفرة طالبة نحو الشام فسار الى دمشق فدخلها في الثاني من شهر جمادى الآخرة فسر الناس بقدومه وقدم النظر في كل مهم تكون المصلحة في تقديمه وأحضر رسل أحمد سلطان وقد كانوا لما وصلوا الى الشام أنزلوا بقلعة دمشق واحتفظ بهم ولم يتمكن احد من الاجتماع بهم بل كانوا في دار رضوان وغلمانهم وحواشيهم بمعزل عنهم والاقامات جارية عليهم والانزال واصلة اليهم واستدعاهما السلطان وهما الشيخ عبد الرحمن وصمداغو ولم يكونا علما بموت مرسلهما وكان عبد الرحمن هذا قدوة الملك أحمد ومشيره وهو الذي أشار عليه بالاسلام على جهة المكر والخداع حتى يطمئن من هذه الجهة ويتفرغ لقتال قومه وأقاربه وولد أخيه وتحكم هذا الشيخ في البلاد وتحدث في جميع الأوقاف بالعجم والعراق والروم وجبي اليه من أموالها جمل عظيمة وأظهر للمغل من المخاريق والخيل وأنواعها وأشياء أخذ عقولهم بها فمالوا اليها ميلا كبيرا واتخذوه مشيرا وصار الملك أحمد وعشيرته ويقفون بين يديه ويمتثلون أمره وأصله موصلي وكان مملوكا ويقال له عبد الرحمن النجار وتوهم انه اذا حضر الى السلطان يتم له عنده ما تم له في العراق ويصير منه ما صار في تلك الآفاق فكان الأمر بخلاف ذلك لأنه لما خرج من الأردو استصحب جماعة من أكابر المغل وهم صمداغو وجماعته وكتاب وفقهاء وفقراء وكان والشيخ المذكور يحمل على رأسه جتر في الطريق وخلفه سلحدارية وحواشي وأرباب أشغال وغلمان وأخباره كانت تتصل بالسلطان منزلة بمنزلة فلما وصل إلى البيرة تلقاه الأمير جمال الدين اقش الفارسي أحد أمراء حلب ومنعه من حمل الجنتر، والسلاح وتنكب به ومن معه عن الطريق المسلوكة وساق بهم في الليل وقرر مع المجردين صحبته أن أحدا لا يكلمهم ولا يملأ عينه منهم ولما وصل بهم الى حلب أخفي أمرهم وأخرجوا منها في الليل وسير بهم في غير الجادة على العادة ولما وصلوا الى دمشق أدخل في الليل وأنزلوا في القلعة على الصورة التي ذكرناها إلى أن حل السلطان بدمشق فلما دخل بين يديه سمع كلامه و كلام رفيقيه وهما صمداغو وشمس الدين بن الصاحب وقبل هدية الشيخ المذكور وأخذ الكتاب الذي على يده من جهة الملك أحمد.

Page 241