============================================================
فكأن كل أمر ، إذا انتهى إلى غايته وتمامه، ظهرت صورته، وبرز مثاله .
ويقال: كيف صورة هذا الأمر، أي كيف مثاله .
وفي الحديث: "لا تقبحوا الوجوه، فإن الله خلق آدم على صورته، ونفخ فيه من روحه"(1). فاضطرب الناس في هذا، حتى أنكره كثير من الناس (2)، فرارا من التشبيه . وتأول فيه قوم، فقالوا : على صورة آدم نفسه، وجعلوا الهاء راجعة إليه .
وقال آخرون: على صورته، أي على صورة المقبح(3). فإذا قلت للرجل: قبحك اله، وقبح من يشبهك، فكأنه قال: على صورة المقبح، فلا تسبوه، فتكونوا قدا سببتم آدم. وقال قوم: على صورته، أي على صورة الطين المصور قبل نفخ الروح فيه. وقال قوم: يعني خلقه بالغا لم تنقله الأرحام، فتصرفه من نوع إلى نوع فجعلت طائفة الهاء راجعة على المقبح، وطائفة أخرى الهاء للطين، وطائفة الهاء لصورة آدم.
وفي حديث آخر: "إن الله خلق آدم على صورة الرحمن"(4) . وهذا الحديث يرد هذه التفاسير كلها، ويبين أن الهاء للرحمن. فقال قوم: كأنه ذهب إلى ال الخصوصية أن الصورة تقدمت الصور، فنسبت إلى الله عز وجل على معنىا ال الخصوصية، كما قيل للكعبة "بيت الله"، والبيوت كلها لله عز وجل. وأشباه ذلك كثير. قال ابن عباس: القد خلقنا الإنسان في كبده [البلد: 4]، قال: في ااستواء(5)، وكت سائر الخلق على وجهه. وقال ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) [ص: 75]، ألا ترى كيف نسب خلقه آدم إلى نفسه، لأنه ينسب إلى الله من كل شيء أشرفه وأفضله. فكانت صورة آدم أحسن الصور وأشرفها. ومثل ه (1) السنة لأبي بكر بن أبي عاصم (529- 533)، تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص 277، الأسماء والصفات للبيهقي ص 216.
(2) تكررت العبارة في ب.
(3) هكذا في م وأخواتها، وفي ب: على صورة آدم نفسه.
(4) ابن قتيبة : تأويل مختلف الحديث ص 278 . وينظر: صحيح البخاري (6227)، والأدب المفرد (978)، والسنة لابن أبي عاصم (529) .
(5) في تفسير ابن عباس ص 533 : في نصب. وفي تنوير المقباس ص 648: معتدل القامة، ويقال: يكابد أمر الدنيا.
Page 209