رأي العلامة ابن قتيبة
رأيت من علمائنا من يستجيد الشعر السخيف لتقدم قائله، ويضعه موضع متخيره، ويرذل الشعر الرصين ولا عيب له عنده، إلا أنه قيل في زمانه ورأى قائله، ولم يقصر الله الشعر والعلم والبلاغة على زمن دون زمن، ولا خص به قوما دون قوم، بل جعل ذلك مشتركا مقسوما بين عباده، وجعل كل قديم منهم حديثا في عصره، وكل شريف خارجيا في أوله.
عن كتاب الشعر والشعراء
مقدمة الناشر للطبعة الأولى
يؤثر عن جوبرت
Joubert
قوله: «يجب أن يفتن الغناء» وفتنة الغناء على ما أعتقد ليست ربيبة العذوبة الصوتية فقط، بل هي وليدة الروحانية التي تهز المغني أيضا، والغناء قرين الشعر فن جميل، فإذا صدق الزهاوي في رأيه:
إذا الشعر لم يهززك عند سماعه
فليس حريا أن يقال له شعر
فمثله صادقا من يعتبر الغناء في حكم الضوضاء المهذبة، إذا تجرد من العاصفة القوية المؤثرة، وعلى هذا فليس كل منظوم صالحا لأن يعد من شعر الغناء، وما صلح منه لذلك كان جديرا بأن يحب ويستظهر، فهو سلوة الحزين، وأنس البائس، وراحة العاني، ونديم الأرواح.
Unknown page