Zawāʾid Ibn al-Jawzī ʿalā Muqātil fī al-wujūh waʾl-naẓāʾir
زوائد ابن الجوزي على مقاتل في الوجوه والنظائر
Genres
المطلب الثاني: دراسة وجوه كلمة الحمد:
باب الحمد:
قال ابن الجوزي:
«الحمد: ثناء على المحمود، ويشاركه الشكر. إلاَّ أن بينهما فرقًا وهو أن الحمد قد يقع على سبيل الابتداء، وعلى سبيل الجزاء. والشكر: لا يكون إلاَّ في مقابلة النعمة، فكل شكرٍ: حمد، وليس كل حمدٍ شكرًا. ونقيض الحمد: الذم. ونقيض الشكر: الكفر. ويقال: رجل محمود، ومحمدٌ، إذا كثرت خصاله المحمودة.
قال الأعشى يمدح بعض الملوك:
إليك أبَيتَ اللّعنَ كانَ كَلالُها ... إلى الماجد الفَرْعِ الجَوادِ المُحَمَّدِ (^١)
وبذلك، سمي رسول اللَّه ﷺ محمدًا. وتقول: " حماداك أن تفعل كذا"، أي: غايتك. ورجل حمدة: يكثر حمد الأشياء. وأحمدت فلانًا. إذا وجدته محمودًا (^٢).
وذكر بعض المفسرين أن الحمد في القرآن على خمسة أوجه:
أحدها: الثناء والمدح، ومنه قوله تعالى في آل عمران: ﴿وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾ [آل عمران: ١٨٨]، وفي بني إسرائيل: ﴿أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾ [الإسراء: ٧٩].
والثاني: الأمر، ومنه قوله تعالى في بني إسرائيل: ﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: ٥٢]، وفي الطور: ﴿بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾ [الطور: ٤٨].
والثالث: المنة، ومنه قوله تعالى في الزمر: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ﴾ [الزمر: ٧٤].
والرابع: الشكر ومنه قوله تعالى في الأنعام: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [الأنعام: ١].
(^١) ديوان الأعشى ص ٤٧، قال ابن فارس عند ذكره للبيت: قال الأعشى يمدح النعمان بن المنذر، ويقال إنه فضّله بكلمته هذه على سائر مَن مدحه يومئذ.
(^٢) وللاستزادة من اللغة ينظر: العين ص ٢١١، ومقاييس اللغة ص ٢٦٢، واللسان (حمد).
1 / 428