Zaman Fi Falsafa Wa Cilm
الزمان في الفلسفة والعلم
Genres
19
وهذا ينقض مبدأ العلة الكافية، فيتوجب علينا رفض التصور المطلق بوصفه شيئا غير حقيقي، والأخذ بالتصور النسبي الذي يجعل الزمان علاقات بين الأشياء، مجرد نظام لتوالي الأحداث، أو بتعبير أكثر انطباقا على فلسفة ليبنتز: «الزمان ليس شيئا إلا نظام تتابع المخلوقات. وليبنتز بهذا كان يرسم تخطيطا معقولا إذا تم تنفيذه بنجاح يمكنه إعطاء إجابة مرضية جدا عن السؤال: ما هو الزمان؟ ولكنه تخطيط يرد نسق الزمان إلى بنية منطقية أنشأها نسق التاريخ.»
20
والذي يهمنا الآن أن صمويل كلارك دافع عن الزمان والمكان المطلقين بأنهما ليسا جوهرين، بل خاصيتين لله ولعالمه المخلوق، المكان المطلق يعنى سعة الله وأنه بلا أول ولا آخر، والزمان المطلق يعني أبدية الله، وأنه بلا بداية ولا نهاية!
21
إنه الخلط المزمن والمؤسف بين الزمان والأبدية، والذي كان قبل تطور الرياضيات.
وما دام الزمان المطلق قد التوى كل هذا الالتواء، واختلط إلى كل هذا الحد، فلا بد من اللياذ بالزمان النسبي مع آينشتاين الذي يندمج مع المكان ليصبحا كيانا واحدا هو المتصل الزماني-المكاني
Spatiol-temporal
الرباعي الأبعاد. أما في الفيزياء الكلاسيكية؛ فهما كيانان اثنان، صحيح مترابطان لكنهما متمايزان، حتى اختص المكان بالأشياء والزمان بالأحداث. فالزمان متصل ذو بعد واحد، خط مستقيم من الماضي إلى الحاضر، تتخذ كل أحداث الطبيعة موقعا فيه؛ لتنتظم بفضل العلية انتظاما موضوعيا مطلقا. وبالنسبة لجميع الراصدين إلى سابق ولاحق، سوف يختفي كل هذا في زمان النسبية، أو نسبية الزمان. •••
لقد جاءت نظرية النسبية لتحرز تقدما جوهريا، وتلبي ضرورة للتطور العلمي مع مطالع القرن العشرين، فقد تلاحقت أزمات النيوتونية، واتضح أن نجاحها الخفاق مقتصر على العالم الذي كان مدركا آنذاك أي الكتل الماردة. وحين توغل العلم في بنية المادة بدأت المصاعب أولا بدراسة ظواهر الديناميكا الحرارية وحركة جزيئات الغاز، والحركة الدائمة لجزيئات السوائل ... كلها كشفت عن ظواهر وعلاقات فيزيائية تتأبى على الأطر الميكانيكية النيوتونية. ثم وصل الأمر إلى ما يعرف بأزمة الفيزياء الكلاسيكية، حين اقتحم العلم عالم الذرة والإشعاع؛ ليلقى عالما: المصادفة فيه موضوعية، والاحتمال منطقه، ولا علاقة له البتة بالضرورة والعلية واليقين واطراد الطبيعة ... إلى آخر مثاليات الحتمية الميكانيكية. وفي 17 ديسمبر عام 1900 وضع ماكس بلانك نظرية الكوانتم؛ لتكون أساس الفيزياء الذرية كجزيرة منعزلة عن نظرية نيوتن التي لا تجرؤ على الاقتراب من العالم الذري «الميكروكوزم »، فتصدع عرشها، وتراجعت لتقتصر على قوانين الحركة في العالم الأكبر «الماكروكوزم»، وكان لا بد من نظرية فيزيائية عامة تضع قوانين الحركة في العالمين معا «الميكروكوزم» و«الماكروكوزم».
Unknown page