Zakhirat al-Mutahhayilin wal-Nisa' by Imam al-Barkawi
ذخر المتأهلين والنساء للإمام البركوي
Publisher
دار الفكر
Genres
الكتاب: ذُخْرُ الْمُتَأَهِّلِينَ والنِّسَاء في تعريف الأطهار والدماء
المؤلف: للإمام محمد بن بير علي البِرْكِوِي (٩٢٩ - ٩٨١ هـ).
وشرحه: "منهل الواردين من بحار الفيض على ذخر المتأهلين في مسائل الحيض"
المؤلف: محمد أمين بن عمر الشهير بابن عابدين (١١٩٨ - ١٢٥٢ هـ)
ويليهما: "إرشاد المكلفين إلى دقائق ذخر المتأهلين"
اعتنى به: هداية هارتفورد ... أشرف منيب
قدَّمَ له: العلَّامة محمد هشام برهاني
الناشر: دار الفكر
اعتنى به ورفعه للشاملة: محمد مهدي قشلان
عملنا في هذا الكتاب [للشاملة] الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأفضلُ الصلاة وأتمُّ التسليم على المبعوثِ رحمةً للعالمين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهَديه واستنَّ بسُنَّتِه وأتباعه أجمعين. أما بعد: فخدمةً للفقه الإسلامي، ونظرًا لأهمية تَعلُّم أحكام الأطهار والدماء؛ لكونها من المسائل المتكرِّرَة في حياة كلِّ امرأةٍ، ولما يترتَّبُ عليها من أحكام مُهمَّةٍ في الصلاة والصوم والطلاق والعِدَّة، ونظرًا لأهميةِ تسهيلِ الوصول لهذه الأحكام وتَعلُّمِها في ظلِّ انتشار الجهل بها والخطأ في تقديرها، لأجل ذلك كُلِّه قمنا بتوجيه الجهود إلى كتاب "ذخر المتأهلين والنساء في تعريف الأطهار والدماء" للإمام محمد بن بير علي البِرْكِوِي ﵀، الذي طبعته دارُ الفكر بدمشق سنةَ ١٤٢٦ ه/٢٠٠٥ م بعناية هداية هارتفورد، وأشرف منيب، ومعه شرحه "منهل الواردين" لابن عابدين ﵀، ويليهما "إرشاد المكلفين إلى دقائق ذخر المتأهلين" لهداية هارتفورد، وأشرف منيب، وذلك لرفعه على الشاملة بعد خدمته خدمةً تليق به، وذلك من خلال النقاط الآتية: ١. كتابة نصِّ هذا الكتاب وما أُلحقَ به، ثم تدقيق ذلك كلِّه، واستدراك الأخطاء الإملائية والنحوية والمطبعية التي وردت في النسخة المطبوعة. ٢. إضافة ما سقط من الكتاب في النسخة المطبوعة. ٣. إضافة بعض علامات الترقيم، وتعديل بعضها الآخر؛ وذلك لمزيدِ إيضاحٍ، أو دفعِ لبسٍ أو اختلاط. ٤. الترجمة للكتب والأعلام الذين لم يُترجم لهم أصحابُ هذا العمل المبارك لعدم اهتدائهم إليهم في تلك الآونة. ٥. تحويل الجداول الواردة في آخر الكتاب إلى بيانات مكتوبة إتمامًا للفائدة، وحرصًا على عدم ضياعها، وذلك لكونها لا تظهر على الشاملة مرسومة. واللهَ نسألُ أن نكون قد وُفِّقنَا في خدمة هذا الكتاب خدمةً تليقُ به، وتُبرزه على النحو الأمثل، هذا ونسأله سبحانه أن يُعمِّمَ ويُديم النفعَ بهذا العمل، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه، والحمد لله أولًا وآخرًا.
عملنا في هذا الكتاب [للشاملة] الحمدُ لله ربِّ العالمين، وأفضلُ الصلاة وأتمُّ التسليم على المبعوثِ رحمةً للعالمين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهَديه واستنَّ بسُنَّتِه وأتباعه أجمعين. أما بعد: فخدمةً للفقه الإسلامي، ونظرًا لأهمية تَعلُّم أحكام الأطهار والدماء؛ لكونها من المسائل المتكرِّرَة في حياة كلِّ امرأةٍ، ولما يترتَّبُ عليها من أحكام مُهمَّةٍ في الصلاة والصوم والطلاق والعِدَّة، ونظرًا لأهميةِ تسهيلِ الوصول لهذه الأحكام وتَعلُّمِها في ظلِّ انتشار الجهل بها والخطأ في تقديرها، لأجل ذلك كُلِّه قمنا بتوجيه الجهود إلى كتاب "ذخر المتأهلين والنساء في تعريف الأطهار والدماء" للإمام محمد بن بير علي البِرْكِوِي ﵀، الذي طبعته دارُ الفكر بدمشق سنةَ ١٤٢٦ ه/٢٠٠٥ م بعناية هداية هارتفورد، وأشرف منيب، ومعه شرحه "منهل الواردين" لابن عابدين ﵀، ويليهما "إرشاد المكلفين إلى دقائق ذخر المتأهلين" لهداية هارتفورد، وأشرف منيب، وذلك لرفعه على الشاملة بعد خدمته خدمةً تليق به، وذلك من خلال النقاط الآتية: ١. كتابة نصِّ هذا الكتاب وما أُلحقَ به، ثم تدقيق ذلك كلِّه، واستدراك الأخطاء الإملائية والنحوية والمطبعية التي وردت في النسخة المطبوعة. ٢. إضافة ما سقط من الكتاب في النسخة المطبوعة. ٣. إضافة بعض علامات الترقيم، وتعديل بعضها الآخر؛ وذلك لمزيدِ إيضاحٍ، أو دفعِ لبسٍ أو اختلاط. ٤. الترجمة للكتب والأعلام الذين لم يُترجم لهم أصحابُ هذا العمل المبارك لعدم اهتدائهم إليهم في تلك الآونة. ٥. تحويل الجداول الواردة في آخر الكتاب إلى بيانات مكتوبة إتمامًا للفائدة، وحرصًا على عدم ضياعها، وذلك لكونها لا تظهر على الشاملة مرسومة. واللهَ نسألُ أن نكون قد وُفِّقنَا في خدمة هذا الكتاب خدمةً تليقُ به، وتُبرزه على النحو الأمثل، هذا ونسأله سبحانه أن يُعمِّمَ ويُديم النفعَ بهذا العمل، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه، والحمد لله أولًا وآخرًا.
Unknown page
إجازة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي قال في كتابه الكريم: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾، والصلاة والسلام على سيدنا ورسولنا محمد الذي جعلَ العلماءَ ورثةَ الأنبياء، وعلى آله وصحبه الأصفياء.
وبعد:
فيقول العيد الضعيف "محمد أمين سراج" غفر الله له ولوالديه، ولأبنائه، ولتلامذته: لمَّا آنستُ من الأخ الكريم "أشرف أحمد منيب"، والأخت الفاضلة "هداية هارتفورد" الاستيعابَ والفهمَ الدقيق لكتاب "ذُخْر المُتَأَهِّلِينَ والنِّساءِ في تَعرِيفِ الأَطهَارِ والدِّمَاءِ" للإمام "محمد بن بير علي البِركوي" أحد كبار العلماء في الدولة العثمانية فقد أجزتُهُما بتدريس هذا الكتاب في أيِّ مكان، أو بلدٍ نزلاَ، بالشروط المعتبرة عند العلماء، كما أجيزهما بما أجازني به شيوخي الأفاضل. ومنهم خاتمة العلماء في الدولة العثمانية، الشيخ محمد زاهد الكوثري.
هذا، وإني أوصيهما، ونفسيَ بتقوى الله في السرِّ والعَلَن، واتِّباعِ سنَّةِ نبيِّه الكريم ﷺ، والتعليم لوجه الله تعالى مع الالتزام بعقيدة أهل السنة والجماعة. وأسألُ المولى العليَّ القدير أن يوفقني وإيَّاهما لخدمةِ دينه، ونشرِ سنَّة نبيِّه الكريم، ويغفر لي ولهما، ويحشرنا في زمرة العلماء الصالحين. والحمد لله ربِّ العالمين.
في ١٠/رجب الفرد/١٤٢٥ ه
الشاهد الأول: عبد الرحمن أرجان البينصوي.
الشاهد الثاني: حمدي أرسلان.
محمد أمين سراج
المدرس في مسجد السلطان
محمد الفاتح بإسطنبول
1 / 5
تقديم
فضيلة العلامة الشيخ
محمد هشام برهاني
حفظه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على أشرفِ المرسلين المبعوثِ رحمةً للعالمين وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأخيار الذين بلَّغوا الرسالة، وأدُّوا الأمانَة، ونصحوا الأُمَّة، وجاهدوا في الله حقَّ جهاده، وبعد:
فقد أكرمني المولى سبحانه بمعرفةِ الأخِ الفاضل الأستاذ أشرف منيب وزوجته العالمة الفاضلة السيدة هداية هارتفورد، وعرفت فيهما الاهتمام العلمي، والتحريات الدائمة الدقيقة لمسائل الفقه وموضوعاته المختلفة، وبخاصَّة فقه الجاليات الإسلامية في ديار الغرب، ولا أُزكِّيهما على الله فهو سبحانه حسيبهما، فقد لمست فيهما القرائن الدالة على صدقِ
1 / 7
التوجُّه، والغيرة المحمودة على دين الله تعالى وشرعه، والحِرصَ الشديد على نشر العلم، والقيام بواجب التوعية للمسلمين بعامة، وللمسلمين المغتربين بخاصة.
وهاهما اليوم يُقدِّمانِ عملًا علميًا موفَّقًا يُشرِّفني ويسعدني تقديمُه بهذه الكلمة، فهو يتناول موضوعًا هامًا له طابع الخصوصية، لا يطَّلِعُ عليه إلا أهله، وهو: أحكام الحيض والنفاس وما يتعلق بهما من الدماء والتي يجهلها الكثيرون من عامَّةِ المسلمين، رجالًا ونساءً، وسيُسهِمُ - إن شاء الله - في سدِّ ثغرةٍ واسعة في هذا الباب، ويكشِفُ السِّتارَ عن الكثير من النقاط الغائبة، ومسائله الدقيقة.
فقد قاما - حفظهما الله - بتحقيق كتاب «منهل الواردين من بحار الفيض على ذخر المتأهلين في مسائل الحيض» للعلَّامة المُحقِّق السيد محمد أمين بن السيد عمر، الشهير بابن عابدين رحمه الله تعالى، وهو شرحٌ لكتاب «ذخر المتأهلين والنساء في تعريف الأطهار والدماء» للإمام محمد بن بير علي البِرْكِوِي.
وقد بذلا جهودًا مشكورة في تحقيقِ نَصِّه، وبخاصَّة النُّقول الواردة فيه عن الأئمة الأعلام وأقوالهم في مصادرها المطبوعة.
1 / 8
وقد قدَّمَا هذا العمل الجليل في قسمين رئيسين:
أما القسم الأول فتضمن جزأين:
الأول: يتضمَّنُ النصَّ الكامل لرسالة الإمام البِرْكِوِي مُميَّزًا عن الشرح، مضبوطًا بالشكل الكامل، وبالفواصل والنقاط والعناوين.
الثاني: يتضمن نَصَّ كتابِ «منهل الواردين» الشامل للمتن والشرح معًا، وقد ضبطاه بالشكل أيضًا، وأضافا إليه الفهارس لكلِّ فصلٍ من فصوله، والمفردات التي تندرج تحته.
وللأمانة العلمية فقد ميَّزا ما أُضيفَ إلى أصلِ الكتاب من عناوين ضمن حاصرتين هكذا [...]
وأما القسم الثاني: فهو عبارة عن ثلاثة ملاحق أُضيفَت إلى الكتاب بغرَضِ الإيضاح والتيسير، وكمال الانتفاع به.
الملحق الأول: يتضمن سردًا موجزًا لثلاثة أنواع من القواعد الخاصَّة بموضوع الدماء، والمستفادَة من نصِّ الكتاب وهي:
أ- القواعد العامَّة لموضوع الدماء.
ب- القواعد الخاصَّة بالحيض.
ج- القواعد الخاصَّة بالنِّفاس.
1 / 9
والملحق الثاني: أوردا فيه خمسة أمثلة للنفاس، وأربعةَ عشرَ مثالًا للحيض.
ولمزيدٍ من الإيضاح والبيان، فقد التزما في عرضِ كلِّ مثالٍ على إيراد الأمور التالية:
• ذكر المثال، مع جدول مُلَوَّنٍ، يُصوِّرُ المثال بالشكل واللون.
• تحليل للمسألة التي تضمَّنَها المثال.
• ثم حكم المسألة بالإجمال، مع جدول مُلَوَّن يُصوِّرُها.
• ثم حكم المسألة تفصيلًا.
• ثم تصحيح المسألة.
• ثم عرض القواعد الخاصَّة بهذه المسألة.
وبهذا كُلِّه يكونان - بتوفيق الله تعالى - قد قدَّما للكتاب المحقَّقِ خِدمةً جليلة، تجعلُه مُيسَّرَ الفهم، قريبَ التناول لكلِّ قارئٍ، وباحِثٍ، ومُتعلِّم. فجزاهما الله تعالى عن الإسلام وأهلِه خيرَ الجزاء، وتقبَّلَ عملهما خالصًا لوجهه الكريم، ومتَّعهُمَا بالقوة والصحة والعافية، وكامِلِ العناية والمعونة، لمتابعة جهودِهما المبرورة في خدمة الشريعة المُطهَّرَة، وتقدِيمِها في أبهى وأوضح حلَّة، إنه أفضلُ مأمولٍ، وأكرمُ مسؤول. وصلَّى اللهُ على
1 / 10
سيدنا ومولانا وحبيبنا ومُعلِّمِنا الأوَّل، والمرشدِ الأكمل، والحبيبِ المرسل سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وآخِرُ دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الأحد ٢٠ المحرم ١٤٢٥
٢١ - ٣ - ٢٠٠٣
وكتبه الفقيرُ على موائدِ مولاه الجليل
محمد هشام برهاني
1 / 11
مقدمة
فضيلة الشيخ
عبد الرحمن أرجان البينصوي
حفظه الله تعالى
أما بعدُ: فقد قمتُ بمراجعةِ هذا الكتاب الذي أصله رسالة «ذخر المتأهلين» وشرحها «منهل الواردين» من البداية إلى النهاية مع محققيه الأخ أشرف منيب وزوجته هداية هارتفورد في مجالس متعددة، ومن خلالِ ذلكَ لاحظتُ شِدَّةَ تحرِّيهِمَا ودِقَّةَ ضَبطِهما في نقلِ النصوص، ولا سيَّما الإضافة التي أضافاها في نهاية الكتاب، وقاما فيها بحلِّ الأمثلة الواردة في المتن، فقد أظهرتْ الاستيعابَ والفهم الدقيق لدقائق مباحثِ
1 / 13
الحيض والنِّفَاس، فقد جمعا في صعيدٍ واحد المسائلَ المبعثرة، وقاما بتحرير القواعد، وتقرير المقاصد، وتقييد الفوائد، ملتزمين في ذلك بالقول المعتمَدِ في المذهب الحنفي، فجاءَ هذا الشرحُ في ثوبٍ علميّ قشيب ضمن قواعد التحقيق العلمي الرصين.
وإني لأرجو اللهَ تعالى أن يُثيبهُما على ذلك، وأن يُقيِّضَ لتراثنا الفقهي العظيم مَن يعملُ على إخراجه بهذا المستوى الرفيع، والحمد لله أولًا وآخرًا ...
حُرِّرَ في شهر المحرم سنة ١٤٢٥
عبد الرحمن أرجان البنصوي
مُدرِّس جامع الحافظ أحمد باشا
إستانبول/ تركيا
1 / 14
مقدمة التحقيق
الحمد لله وليِّ الحمد والثناء، والصلاةُ والسلام على أشرفِ الرسل والأنبياء، سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه الأتقياء الأوفياء، ومَن تبِعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الفصل والقضاء.
وبعدُ:
فإنَّ باب الحيضِ من غوامضِ أبواب الفقه، ومسائلُه عند كثيرٍ من طلبة العلم - فضلًا عن غيرهم - من أصعبِ المسائل، وليست هذه الصعوبة ناشئة عن غموضِ أحكامه، فكثيٌر من تلك الأحكام مُتَّفَقٌ عليه بين الفقهاء، ولكنَّ الصعوبةَ تكمُنُ في تمييز الدم الذي تراه المرأة؛ فإنها لا تستطيع أحيانًا أنْ تُميِّزَ: أَدَمُ حيضٍ هو أم دمُ فساد، وعندها تحتار: أعليها أن تُصلِّي وتصوم أم يحرم ذلك في حقِّها؟ وإن كانت حاجَّةً أيجوز لها الطواف بالبيت أم تنتظر حتى تطهر؟ وهل يحل لزوجها - والحال هذه - أن يطأها أم لا؟ وإذا كانت في عِدَّةِ الطلاق فهل تكون عدتها قد انقضت أم لا؟
ومعلومٌ أنَّ الحيضَ من الأمور التي تتكرر كلَّ شهرٍ في حياةِ المرأة، وكثير من الأحكام الشرعية في المجتمع المسلم مبنيٌ عليه، فينبغي الاعتناءُ بإيضاحِ
1 / 15
أحكامِه، وكشفِ غوامضه، لذا اجتهد فقهاؤنا ﵏ في حلِّ مسائله، فصنَّفُوا في ذلك - على اختلافِ مذاهبهم - المصنَّفَات الكثيرة.
ومن المؤلَّفَات العلمية الجامِعَة في هذا الباب رسالة "ذخر المتأهلين" للإمام العلامة الفقيه محمد بن بير علي البِرْكِوِي الحنفي، المتوفَّى سنة ٩٨١ هـ، التي تُعدُّ من أهمِّ ما أُلِّفَ في مذهب الحنفية في مسائل الحيض، فهي - على صغر حجمها - جمعتْ غُررَ أصولِ هذا الباب ودُررَ فروعه، وقد ذكر مُؤلِّفُها أنَّه صرفَ شطرًا من عُمُرِه في جمعِ مسائلها المنثورة في الكتب المختلفة، مقتصرًا فيها على أقوى الأقوال وأصحِّها والمختار منها للفتوى.
ولأهميَّةِ هذه الرسالة فقد اعتنى بشرحها عددٌ من العلماء، كان أجلُّهم خاتمة المحققين الإمام ابن عابدين ﵀، صاحب الحاشية الشهيرة، في كتابه: "منهل الواردين من بحار الفيض، شرح ذخر المتأهلين في مسائل الحيض"، فتحرّر المذهبُ بذلك تحريرًا دقيقًا على يدي ذينك الحبرين الجليلين، مما يجعلُ نشرَ مثل هذا الشرح المُتقَنْ لذاكَ المتن الجامع؛ وكشفَ النِّقابِ عن مكنون دررهما، عملًا علميًا في غاية الأهمية.
وقد استخرنا اللهَ تعالى في التصدِّي لهذا العمل، فقمنا بتحقيقِ الشرحِ
1 / 16
المذكور، مُصدَّرًا بالمتنِ منفرِدًا ليسهل حفظه، بعد أن حرَّرنا ألفاظه - أي المتن - على نُسَخٍ خطيَّةٍ وثيقة، ثم ذيَّلنْا الكتابَ بحَلٍّ موسَّعٍ للأمثلة الواردة فيه، موضَّحًا بالجداول.
هذا الكتاب وعملنا فيه
أشرنا آنفًا لما لرسالة الإمام البِرْكِوِي هذه من أهمية في بابها، لذا تصدَّى عددٌ من العلماء لشرحها، منهم:
١. إسحاق بن حسن الزنجاني ثم التوقادي، (المتوفى سنة ١١٠٠ هـ)، واسم شرحه: «ذخائر الآخرة شرح ذخر المتأهلين»، (مخطوط).
٢. عبد القادر بن يوسف بن سنان المعروف بنقيب زاده، (المتوفى سنة ١١٠٧ هـ)، واسم شرحه: «زاد المتزوجين شرح ذخر المتأهلين»، (مخطوط).
٣. محمد بن ولي بن رسول القيرشهري ثم الأزميري، (المتوفى سنة ١١٦٥ هـ)، في كتابه: «شرح ذخر المتأهلين»، (مخطوط).
٤. الإمام ابن عابدين، المتوفى (سنة ١٢٥٢ هـ)، واسم شرحه: «منهل الواردين من بحار الفيض، على ذخر المتأهلين في مسائل الحيض»، وهو أشهر الشروح، وقد طبع عدة مرات.
1 / 17
الأصول المعتمدة في تحقيق المتن:
اعتمدنا في تحقيقنا للمتن على نسختين خطيتين:
الأولى: نسخة منقولة من نسخة بخط المصنِّف، تحتفِظُ بها المكتبة السليمانية بإستانبول، تحت الرقم ٢٠٨١، ضمن مجموعة رسائل أخرى للمصنِّف، على هامشها تعليقات كثيرة منقولة من كلام المصنِّف.
عدد صفحات هذه النسخة ست، وخطها تعليقي مقروء غير منقوط، ومعدل الأسطر في كل صفحة ٢٣ سطرًا.
اسم ناسخها: ولي الدين أبو الفضل الرومي ثم المدني، نسخها تجاه الحجرة النبوية الشريفة بالمدينة المنورة، في الرابع من ذي القعدة سنة ١١٠٤ هـ. وقد وضع الناسِخُ في أولها فهرسًا بالموضوعات.
وقد رمزنا لهذه النسخة بالحرف: (أ)، واعتمدناها أصلًا في عملنا.
الثانية: وهي محفوظة أيضًا بالمكتبة السليمانية، تحت الرقم ٢٧٢٨، كُتِبتْ بخطٍ جيدٍ ومقروء، ومُيِّزَتْ عناوين الفصول فيها بالحمرة.
تقع في ثمان وعشرين صفحة، ومعدل الأسطر في كل صفحة ١٥ سطرًا، وعلى هامشها بعض التعليقات المنقولة من كلام المصنف.
1 / 18
اسم ناسخها: عمر بن إسماعيل، وقد أرَّخ نسخها في السابع عشر من ربيع الأول سنة ١٠٥٤ هـ. لكنْ في هذه النسخة أخطاء وسقط كثير.
الأصول المعتمدة في تحقيق الشرح:
أما بالنسبة لرسالة "منهل الواردين" للعلامة ابن عابدين فلم يتيسر لنا نسخٌ مخطوطة لها، لذا فقد اعتمدنا في إخراجها على نسخة قديمة مطبوعة في (مطبعة المعارف في ولاية سوريا)، وقد طبعت الرسالة عنها بعد ذلك عدة مرات كان أولها سنة ١٣٠٢ هـ، ووقفنا على نسخة منها بدار الكتب المصرية تحت الرقم ١١٠٢ فقه حنفي.
ثم أعاد نشر الرسالة عبد النافع فياض في سوريا سنة ١٤٠٩ هـ، واعتمد في إخراجها - كذلك - على نسخة مطبعة المعارف المذكورة آنفًا.
عملنا في الكتاب:
يتلخَّصُ عملنا في هذا الكتاب في الأمور الآتية:
١. ضبطُ نصِّ المتن والشرح بالشكل اللازم، ووضع علامات الترقيم بدقة.
٢. تفصيل الجمل وتفقير المقاطع ليسهل فهمها واستيعابها على
1 / 19
القارئ.
٣. وضع عناوين فرعية للفصول والمباحث لتسهيل الرجوع إليها، وقد ميزنا كل عنوان منها عن نصِّ الكتاب بمعقوفتين [].
٤. تخريج النصوص التي اعتمد عليها العلامة ابن عابدين في شرحه، بعزوِ كلٍّ منها إلى مصدره إن كان مطبوعًا، ثم مقابلته به، فإذا وجدنا فيه اختلافًا ذا بالٍ نبَّهنا إليه.
٥. التعليق على بعض العبارات بما يحل مشكلها ويُوضِّحُ غامضها، بالرجوع إلى الكتب المعتمدة في المذهب، بالإضافة إلى الشروح الأخرى لـ "ذخر المتأهلين" السابق ذكرها.
٦. زيادة بعض الكلمات التي قدرنا سقوطها من الشرح المطبوع - حسب ما يقتضيه السياق - وجعلناها مميَّزةً بين معقوفتين [].
٧. التعريف بالكتب المنقول عنها في الكتاب، وبيان المطبوع منها والمخطوط ضمن حدود اطلاعنا.
٨. ترجمة الأعلام الواردة أسماؤهم في الكتاب.
٩. صدَّرنا العملَ بترجمتين وجيزتين للإمامين: الماتن والشارح.
1 / 20
١٠. ذيَّلنَا الكتاب برسالة صغيرة سميناها "إرشاد المكلفين إلى دقائق ذخر المتأهلين"، ذكرنا فيها الأصول والقواعد الكلية للحيض والنفاس، وحللنا فيها الأمثلة التي ذكرها الإمام البِرْكِوِي مع إضافة جداول توضيحية في غاية السهولة.
١١. أعددنا فهارس عامَّة للكتاب لتيسير الرجوع إلى مباحثه ومسائله.
وبهذا العمل نرجو أن نكون قد أتممنا تحقيقَ الكتاب من جوانبه المتعدِّدَة، ونأملُ أن تكون نسختنا هذه أصحَّ طبعةٍ تقدم لهذه الرسالة الجليلة إن شاء الله تعالى.
شكر وتقدير:
ولا يفوتنا في الختام أن نتقدَّمَ بخالصِ الشكر والتقدير لفضيلة أستاذنا الشيخ حسان الهندي، الذي كان له الفضل الأكبر - بعدَ عونِ الله تعالى - في فَهمِ غوامضِ هذا الباب، فقد أفادنا كثيرًا من علْمِه الجمِّ، فنسألُ الله تعالى أن يجزيه عنَّا خيرَ الجزاء.
ونتوجَّهُ أيضًا بشكرٍ خاصٍّ إلى فضيلة شيخنا عبد الرحمن أرجان على
1 / 21
تَفضُّلِه بمراجعة الكتاب رغم كثرة شواغله وضيق وقته، حيث كان لملاحظاته الدقيقة وتوجيهاته السديدة النفع البالغ، فجزاه الله تعالى عنا خيرًا.
كما نتقدَّم بخالص الشكر لكل من أسدى إلينا مشورةً، أو رأيًا، أو توجيهًا، أو دعوة صالحة، أو غير ذلك.
* * *
ونودُّ هنا أنْ نلفت انتباه القارئ الكريم قبل شروعه في قراءةِ هذا الكتاب إلى نصيحةِ الإمام البِرْكِوِي التي سطّرها في طيات رسالته في آخر الفصل الثاني، عند بيانِهِ لقواعد انتقال العادة حيث قال: "هذا البحثُ أهمُّ مباحثِ الحيض؛ لكثرة وقوعه، وصعوبة فهمه، وتعسُّرِ إجرائه، وغفلة أكثر النساء عنه، فعليك بالجد والتشمير في ضبطه، فلعلَّ الله تعالى بلُطفِه يُسهِّلْه وييسره لك، إنه ميسِّرُ كل عسير، آمين يا كريم".
لذا ننصح القارئ كي تتم له الاستفادة من جهود الإمام البِرْكِوِي ومن بعده العلامة ابن عابدين أن يتريَّثَ في قراءةِ هذا الكتاب، ويُعيدَ النظرَ فيه المرَّةَ تلوَ الأخرى، حتى تَثبُتَ الأحكامُ في ذهنه وتتضِّح فيُنتفع بها.
1 / 22
وختامًا نَضرعُ إلى الله ﵎ أن يتقبَّلَ عملنا هذا، وأن تتحقق الفائدةُ المرجوة منه ويُعِمَّ النفع به لطلبة العلم وسائر المسلمين، لعلَّ دعوة كريمة تنالنا ممن ينتفع به فنُسْعَدَ بها، كما نسأله تعالى أن يتقبل جُهدَنا فيه ويجعله في كفة الحسنات ذخيرةً لنا عنده، يوم نلقى نبينا الأمين ﷺ، والحمد لله رب العالمين.
أشرف منيب
وهداية هارتفورد
1 / 23
المخطوطات:
الصفحة الأولى من المخطوطة أ
1 / 25
الصفحة الأخيرة من المخطوطة أ
1 / 26