كأنَّ تألّقهُ في السَّماءِ ... رجعُ حسابٍ خفيفِ البنانِ
كأنِّيَ لم أدرِ أنَّ الرَّدى ... لهتكِ ستورِ الضَّنى قد رآني
أخلايَّ أُحفيكمُ طائعًا ... وأنتمُ مُنى النَّفسِ دونَ الأماني
ولكنْ يدُ الدَّهرِ رهنٌ بما ... سيُرمَى بأسهمهِ الفرقدانِ
عسَى الدَّهرُ أنْ يثنِ لي عطفهُ ... بعطفِ الهوَى وبعيشٍ لِيانِ
وقال البحتري:
خيالٌ ملمٌّ أو حبيبٌ مسلّمُ ... وبرقٌ تجلَّى أوْ حريقٌ مضرِّمُ
تقيَّضَ لي من حيثُ لا أعلمُ النَّوى ... ويسري إليَّ الشَّوقُ من حيثُ أعلمُ
وقال النابغة:
أرقتُ وأصحابي هجوعٌ بربوةٍ ... لبرقٍ تلالا في تهامةَ لامعُ
فأبدَى همومًا مِنْ همومٍ أجلُّها ... وأكثرُ منها ما تجنُّ الأضالعُ
وقال آخر:
أرقتُ لبرقٍ آخرَ اللَّيلِ يلمعُ ... سرَى دائبًا فيما نهبُّ ونهجعُ
سرَى كاحتساءِ الطَّيرِ واللَّيلُ ضاربٌ ... بأرواقهِ والصُّبحُ قدْ كادَ يسطعُ
وقال آخر:
بدَا البرقُ مِنْ نحوِ الحجزِ فشاقَني ... وكلُّ حجازيٍّ لهُ البرقُ شائقُ
سرَى مثلَ نبضِ العرقِ واللَّيلُ دونهُ ... وأعلامُ نجدٍ كلُّها والأسالقُ
وقال دعبل:
ما زلتُ أكلأُ برقًا في جوانبهِ ... كطرفةِ العينِ تخبُو ثمَّ تختطفُ
برقٌ تجاسرَ مِنْ خفَّانَ لامعهُ ... يقضي الصَّبابةَ مِنْ قلبي وينصرفُ
وقال آخر:
شبَّهتُ في أُخرياتِ اللَّيلِ مِنْ رجبٍ ... برقًا أتتْنا بهِ الجوزاءُ شؤْبوبا
صنجًا بصنائعهِ الأوتارُ قدْ نُصبتْ ... بينَ السَّماءِ وبينَ الأرضِ مضروبا
وقال آخر:
أضاءَ البرقُ ليلةَ أذرعاتٍ ... هوًى لا يستطيعُ لهُ طِلابا
هوًى بتهامةٍ وهوًى بنجدٍ ... فأيُّ هواكَ تتركُ حينَ آبا
وقال كثيّر:
أهاجكَ برقٌ آخرَ اللَّيلِ واصبُ ... تضمَّنهُ فرشُ الحيا فالمساربُ
تألَّقَ واحْمَوْمَى وخيَّمَ في الرُّبَى ... أحمُّ الذُّرى ذو هيدبٍ متراكبُ
إذا حرَّكتهُ الرِّيحُ أرزمَ جانبٌ ... بلا هرَقٍ منهُ وأومضَ جانبُ
كما أومضتْ بالعينِ ثمَّ تبسَّمتْ ... جريعٌ بدا منها جبينٌ وحاجبُ
يصحُّ النَّدى لا يذكرُ السَّيرَ أهلهُ ... ولا يرجعُ الماشي بهِ وهوَ جادبُ
وقال آخر:
وأرتاحُ للبرقِ اليمانِي كأنَّني ... لهُ حينَ يجري في السَّماءِ نسيبُ
ولي كبدٌ حرَّى بما قدْ تضمَّنتْ ... عليهِ وعينٌ بالدُّموعِ سكوبُ
أُصعِّدُ أنفاسًا حنينًا ولوعةً ... كما حنَّ مقصورُ اليديْنِ قضيبُ
وقال أبو هلال الأسدي:
أشاقتكَ البوارقُ والجنوبُ ... ومِنْ عالي الرِّياحِ لها هبوبُ
أتتكَ بنفحةٍ مِنْ ريحِ نجدٍ ... تضوَّعُ والعرارُ بها مشوبُ
وشمتُ البارقاتِ فقلتُ جادتْ ... حيالَ القاعِ أوْ مُطِرَ القلوبُ
وقال محمد بن عبد الله الفقعسي:
أقولُ لقمقامِ بنِ زيدٍ أما ترَى ... سنا البرقِ يبدُو للعيونِ النَّواظرِ
فإنْ تبكِي للبرقِ الَّذي هيَّجَ الهوَى ... أُعنكَ وإن تصبرْ فلستُ بصابرِ
سقَى اللهُ حيًّا بينَ صارَةَ والحمى ... حِمى فَيْدَ صوبَ العاجناتِ المواطرِ
أمينٌ واد اللهِ مَنْ كانَ منهمُ ... إليهمْ ووقَّاهُ حِمامَ المقادرِ
وقال بعض العامريين:
عدمتُ جدارًا يمنعُ البرقَ أنْ يُرَى ... معَ اللَّيلِ علويًّا تطيرُ شقائقهْ
وسقيًا لذاكَ البرقِ لو أستطيعهُ ... ولكنْ عدِمنا نيَّةً ما توافقهْ
وقال آخر:
أعنِّي علَى برقٍ أُريكَ وميضهُ ... تضيءُ دجنَّاتِ الظَّلامِ لوامعهْ
إذا اكتحلتْ عينا محبٍّ بضوئهِ ... تجافتْ بهِ حتَّى الصَّباحِ مضاجعهْ
فباتَ وِسادي ساعدٌ قلَّ لحمهُ ... عنِ العظمِ حتَّى كادَ تبدُو أشاجعهْ
وقال آخر:
نفى النَّومَ عنِّي فالفؤادُ كئيبُ ... نوائبُ همٍّ ما تزالُ تنوبُ
وما جزعًا مِنْ خشيةِ الموتِ أخضلتْ ... دموعِي ولكنَّ الغريبَ غريبُ
وإنِّي لأرعَى النَّجمَ حتَّى كأنَّني ... علَى كلِّ نجمٍ في السَّماءِ رقيبُ
1 / 89