ذكر قصَّة الْخضر فِي الْقُرْآن والْحَدِيث الْخضر فِي الْقُرْآن الْكَرِيم: سُورَة الْكَهْف (٦٠ - ٨٢)

1 / 5

- بَاب حَدِيث الْخضر مَعَ مُوسَى ﵉: ١ - حَدثنَا عَمْرو بن مُحَمَّد حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم قَالَ حَدثنِي أبي عَن صَالح عَن أبي شهَاب أَن عبيد الله بن عبد الله أخبرهُ " عَن ابْن عَبَّاس أَنه تمارى هُوَ وَالْحر بن قيس الْفَزارِيّ فِي صَاحب مُوسَى،

1 / 6

قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ خضر، فَمر بهما أبي بن كَعْب، فَدَعَاهُ ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِنِّي تماريت أَنا وصاحبي هَذَا فِي صَاحب مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيل إِلَيّ لَقيته، هَل سَمِعت رَسُول الله يذكر شَأْنه؟ قَالَ: نعم، سَمِعت رَسُول الله يَقُول: بَيْنَمَا مُوسَى فِي ملإ من بني اسرائيل جَاءَهُ رجل فَقَالَ: هَل تعلم أحد أعلم مِنْك؟ قَالَ: لَا. فَأوحى الله إِلَيّ مُوسَى بلَى عَبدنَا الْخضر، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيل إِلَيْهِ، فَجعل لَهُ الْحُوت آيَة، وَقيل لَهُ إِذا فقدت الْحُوت فَارْجِع فَإنَّك ستلقاه. فَكَانَ يتبع الْحُوت فِي الْبَحْر، فَقَالَ لمُوسَى فتاه: أَرَأَيْت إِذْ أوينا إِلَيّ الصَّخْرَة فَإِنِّي نسيت الْحُوت وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ. فَقَالَ مُوسَى: ذَلِك مَا كُنَّا نبغي، فارتدا على آثارهما قصصا، فوجدا خضرًا، فَكَانَ من شَأْنهمَا الَّذِي قصّ الله فِي كِتَابه " ٢ - حَدثنَا عَليّ بن عبد الله حَدثنَا سُفْيَان حَدثنَا عَمْرو بن دِينَار قَالَ أَخْبرنِي سعيد بن جُبَير قَالَ " قلت لِابْنِ عَبَّاس أَن نَوْفًا الْبكالِي يزْعم أَن مُوسَى صَاحب الْخضر لَيْسَ هُوَ مُوسَى بني اسرائيل، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخر. فَقَالَ: كذب عَدو الله، حَدثنَا أبي بن كَعْب عَن النَّبِي أَن مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بني اسرائيل فَسئلَ: أَي النَّاس أعلم؟ فَقَالَ أَنا. فعتب الله عَلَيْهِ إِذْ لم يرد الْعلم اليه فَقَالَ لَهُ: بلَى، لي عبد بمجمع الْبَحْرين هُوَ أعلم مِنْك. قَالَ أَي رب وَمن لي بِهِ؟ - وَرُبمَا قَالَ سُفْيَان: أَي رب وَكَيف لي بِهِ؟ - قَالَ تَأْخُذ حوتا فتجعله فِي مكتل، حَيْثُمَا فقدت الْحُوت فَهُوَ ثمَّ - وَرُبمَا

1 / 7

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم بَين يَدي الْكتاب " إِن الْحَمد لله نحمده ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وسيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. " (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته، وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ) [آل عمرَان: ١٠٢] (يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة، وَخلق مِنْهَا زَوجهَا، وَبث مِنْهُمَا رجَالًا كثيرا وَنسَاء، وَاتَّقوا الله الَّذِي تساءلون بِهِ والأرحام، إِن الله كَانَ عَلَيْكُم رقيبا) [النِّسَاء: ١] (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَقُولُوا قولا سديدا، يصلح لكم أَعمالكُم وَيغْفر لكم ذنوبكم، وَمن يطع الله وَرَسُوله فقد فَازَ فوزا عَظِيما) [الْأَحْزَاب: ٧٠ - ٧١] أما بعد: فَإِن أصدق الحَدِيث كتاب الله، وَأحسن الْهدى هدى مُحَمَّد وَشر الْأُمُور محدثاتها، وكل محدثة بِدعَة، وكل بِدعَة ضَلَالَة، وكل ضَلَالَة فِي النَّار. " وَبعد، فَإِن الْإِسْلَام رِسَالَة إلهية وَاضِحَة، وعقيدة ربانية صَافِيَة من أدران الشّرك والإلحاد، والعادات والتقاليد، والخرافات والأوهام. وَلَكِن - وللأسف الشَّديد - كلما ابتعد الْمُسلمُونَ من الاغتراف من المنهل الصافي الشفاف للْكتاب وَالسّنة الصَّحِيحَة، بَدَت مَوَاطِن الضعْف والوهن فِي عقيدتهم، وتسربت إِلَيْهَا كثير من الخرافات والأوهام، الَّتِي مَا أنزل الله بهَا من سُلْطَان، وَلَيْسَت عَلَيْهَا أَي مسحة من العقيدة وَالدّين، وزد إِلَى ذَلِك أَنَّهَا سببت لتفريق كلمة الْمُسلمين، وتشتيت وحدة الْأمة الإسلامية فِي كل عصر ومصر.

1 / 1

وَمن الخرافات الَّتِي تطرقت إِلَى الأوساط الإسلامية من جِهَة بعض " المدعين المتهوسين للزهد الفارغ، والورع الأجوف "، وتروجت عبر التَّارِيخ الإسلامي، وآمن بهَا ضعفاء العقيدة وَالدّين: خرافة اسْتِمْرَار حَيَاة الْخضر ﵇. وَلَا شكّ أَن الْعلمَاء - مُنْذُ الْقَدِيم - اخْتلفُوا فِي هَذَا الْأَمر وَلَكِن عندنَا، ميزانا دَقِيقًا لنقد مثل هَذِه القضايا الْمُخْتَلف فِيهَا هُوَ: " كتاب الله ﷿ وَسنة رَسُوله - " (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم، فَإِن تنازعتم فِي شَيْء فَردُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُول، إِن كُنْتُم تؤمنون بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر، ذَلِك خير وَأحسن تَأْوِيلا) فنرد هَذِه الْقَضِيَّة إِلَى كتاب الله، وَسنة رَسُول الله، فَإِن وافقا عَلَيْهَا نعتقد بِأَن الْخضر ﵇ حَيّ يرْزق من يَوْم وِلَادَته حَتَّى الْآن، وَلَا يزَال، إِلَى مَا شَاءَ الله. وَهَذَا من أعظم الْآيَات لربوبية الله ﷿. (وَمَا كَانَ لمُؤْمِن وَلَا مُؤمنَة إِذا قضى الله وَرَسُوله أمرا، أَن يكون لَهُم الْخيرَة من أَمرهم) . وَإِن لم نجد فِي الْكتاب وَالسّنة الصَّحِيحَة مَا يدل على اسْتِمْرَار حَيَاته، نرفضه وَلَا كَرَامَة، مهما ادّعى " الصُّوفِيَّة والصالحون " بلقائهم إِيَّاه فِي القفارى والفلوات، ومواطن الْخَيْر ومواضع الشّرف. وَذَلِكَ لِأَن الْكتاب وَالسّنة الصَّحِيحَة هما الْوَسِيلَة الوحيدة للاطلاع على مثل هَذِه الْأُمُور الغيبية. وَالْإِيمَان باستمرار حَيَاة أحد من النَّاس، إِلَى مَا دَامَت السَّمَاوَات وَالْأَرْض، يحْتَاج إِلَى دَلِيل نقلي صَرِيح، لِأَنَّهُ يمس جَانب العقيدة الَّتِي لَا تثبت إِلَّا بذلك.

1 / 2