(١١٦) سبب نزولها: أن الرجل كان يطلق امرأته، ثم يراجعها ليس لذلك شيء ينتهي إليه، فقال رجل من الأنصار لامرأته: والله لا أؤويك إليّ أبدا ولا تحلِّين مني. فقالت: كيف ذلك؟ قال: أطلقك، فاذا دنا أجلك، راجعتك، فذهبتْ إلى النبي ﷺ، تشكو إليه ذلك فنزلت هذه الآية، فاستقبلها الناس جديدًا من كان طلق، ومن لم يكن يطلّق. رواه هشام بن عروة عن أبيه.
فأما التفسير، ففي قوله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتانِ قولان: أحدهما: أنه بيان لسنَّة الطلاق، وأن يوقع في كل قرءٍ طلقة، قاله ابن عباس، ومجاهد. والثاني: أنه بيان للطلاق الذي تملك معه الرجعة، قاله عروة، وقتادة، وابن قتيبة، والزجاج في آخرين.
قوله تعالى: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ، معناه: فالواجب عليكم إمساك بمعروف، وهو ما يعرف من إقامة الحق في إمساك المرأة. وقال عطاء، ومجاهد، والضحاك، والسدي: المراد بقوله تعالى:
فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ: الرجعة بعد الثانية. وفي قوله تعالى: أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ، قولان:
أحدهما: أن المراد به: الطلقة الثالثة، قاله عطاء، ومجاهد، ومقاتل.
والثاني: أنه الإمساك عن رجعتها حتى تنقضي عدتها، قاله الضحاك، والسدي. قال القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفرّاء وهذا هو الصحيح، لأنه قال عقيب الآية: فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، والمراد بهذه الطلقة الثالثة بلا شك، فيجب إذن أن يحمل قوله تعالى: أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ على تركها حتى تنقضي عدتها، لأنه إن حمل على الثالثة، وجب أن يحمل قوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَها على رابعة، وهذا لا يجوز.
فصل: الطلاق على أربعة أضرب: واجب، ومندوب إليه، ومحظور، ومكروه. فالواجب:
طلاق المؤلي بعد التربص، إذا لم يفئ، وطلاق الحكمين في شقاق الزوجين، إذا رأيا الفرقة.
والمندوب: إذا لم يتفقا، واشتدَّ الشقاق بينهما، ليتخلصا من الإثم. والمحظور: في الحيض، إذا كانت مدخولًا بها، وفي طهر جامعها فيه قبل أن تطهر. والمكروه: إذا كانت حالهما مستقيمة، وكل واحد منهما قيّم بحال صاحبه.
قوله تعالى: وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا.
(١١٧) نزلت في ثابت بن قيس بن شمَّاس، أتت زوجته إلى النبيّ ﷺ، فقالت: والله ما أعيب على ثابت في دين ولا خلق، ولكني أكره الكفر في الإسلام، لا أطيقه بغضًا. فقال لها النبي ﷺ: