Zacim Thair Ahmad Curabi
الزعيم الثائر أحمد عرابي
Genres
وكان الاستيلاء على «المحسمة» عملا حربيا على جانب كبير من الخطر؛ لأنه الخطوة الأولى التي اتخذها الإنجليز للوصول إلى معسكر العرابيين في التل الكبير ... ثم احتل الإنجليز القصاصين يوم 26 أغسطس دون مقاومة تذكر، فصاروا على مسافة خمسة عشر كيلومترا من التل الكبير. (9) عرابي في الميدان الشرقي
الميدان الشرقي في الحرب العرابية.
كان لأسر محمود باشا فهمي واحتلال «المحسمة»، وانكشاف نية الإنجليز في الزحف على العاصمة من ناحية الشرق وقع شديد في صفوف العرابيين ... فبادر عرابي إلى الانتقال إلى معسكر التل الكبير، وسار بالقطار من كفر الدوار ومعه جماعة من الضباط وطائفة من الحرس، وكان يصحبه عبد الله نديم خطيب الثورة العرابية، فلما وصل القطار إلى الزقازيق خف للقائه جمع حاشد من العمد والأعيان وأرباب الطرق والموظفين، ونزل هنيهة بالمحطة، وجلس بكشك هناك، فاحتشد الناس للهتاف له وصاروا ينادون: «الله ينصرك يا عرابي! يا مولانا يا عزيز، أهلك عسكر الإنجليز. يا سيمور يا وش القملة، من قال لك تعمل دي العملة؟» وبعد أن جلس هنيهة غادر الكشك وركب القطار، وصار ينادي ويقول: «أنا لها، أنا لها!»
وسار القطار إلى التل الكبير بين هتاف المجتمعين وصياحهم ... ولما وصل إلى التل الكبير، أعد عرابي لنفسه بالمعسكر خيمة سعيد باشا والي مصر السابق، وكانت من أفخم الخيام، وأقام بها يحوطه الحرس والخدم، وتشاور وأصحابه فيما يجب عمله. وجاء علي فهمي من القاهرة يقود الآلاي الأول من المشاة مددا للجيش، ووضعوا خطة القتال التي استدعاها تبدل الموقف. فاتفقوا على مهاجمة مواقع الإنجليز في القصاصين، وأرسلوا إلى طلبة باشا عصمت في كفر الدوار، لكي يرسل لهم المدد من الرجال والعتاد، فجاءهم عيد بك محمد بآلايه، وأحمد بك عبد الغفار وعبد الرحمن بك حسن بآلايات الفرسان، وجاءهم من دمياط خضر بك ومعه أورطتان من العساكر السودانية، فاستعد الجيش المصري لاتخاذ خطة الهجوم، وكانت قوات الإنجليز موزعة كالآتي: الجنرال جراهام في القصاصين، والجنرال دروري لو قائد الفرسان في المحسمة، والجنرال ويليس في المسخوطة. (10) واقعة القصاصين الأولى
هاجم المصريون مواقع الإنجليز في القصاصين يوم 28 أغسطس سنة 1882 بقيادة الفريق راشد باشا حسني، وكان هجوما شديدا ... فاستولوا على المواقع الأمامية للإنجليز، ولكن الفرسان البريطانيين بقيادة الجنرال «دروري لو» ما لبثوا أن كروا على المصريين، فأجلوهم عن هذه المواقع، وخسر الإنجليز في هذه الموقعة 8 قتلى منهم ضابط، و61 جريحا منهم عشرة من الضباط، وامتد فيها القتال إلى الليل. (11) موقف تركيا
قدمنا أن موقف تركيا منذ شبت الثورة العرابية كان منطويا على سوء النية والخطل في الرأي ، فقد أرادت أن تتخذ من هذه الثورة فرصة لاسترداد امتيازات الاستقلال الذي نالته مصر ... فأخذت تغري الفريقين المتخاصمين أحدهما بالآخر، فتتظاهر تارة بتأييد الخديو، وطورا بتأييد العرابيين، لتكسب من وراء هذا الإغراء نفوذا وسلطانا، ولكنها في الواقع لم تكسب شيئا، وإنما استفادت إنجلترا من هذه السياسة الخرقاء.
وبينما كان الإنجليز يتقدمون في داخل البلاد، كانت المفاوضات مازالت مستمرة بين اللورد دفرين سفير إنجلترا في الآستانة والباب العالي، للاتفاق على خطة إرسال الجيش العثماني إلى مصر، وكانت إنجلترا تقصد من هذه المفاوضات إطالة الوقت وتعطيل إرسال جيش من تركيا، حتى تقمع الثورة بجيشها فلا يبقى محل لمجيء ذلك الجيش، وقد تذرعت إلى إطالة المفاوضات باشتراطها عدة شروط، وهي: (1)
تحديد عدد الجيش العثماني المزمع إرساله إلى مصر، بحيث لا يتجاوز خمسة أو ستة آلاف جندي. (2)
منعه من دخول مصر بطريق البر أو النزول إلى الإسكندرية. (3)
عرض خططه الحربية على القيادة الإنجليزية. (4)
Unknown page