وفي يوم الثلاثاء، العاشر من ربيع الثاني، قبل الظهر، ضربت المدافع بقلعة دمشق، وشاع الخبر بأن السلطان أحمد بن السلطان محمد العثماني تغير، ووقف مكانه محمود شاه، أيده الله تعالى بإمداده.
ومدة السلطان أحمد بن محمد من سنة خمسة عشر بعد الألف وماية إلى موضع تاريخه الآن، ثمانية وعشرون سنة، وشاع بأن الوزير قتل، وهكذا المسوع به، والله أعلم.
مصرع أزعر
وفي يوم الجمعة خامس ربيع الثاني، قتل شيخ حارة المحلة الشرقية الكاينة بالصالحية، ويسمى ابن فطم. جيء به لنايب الصالحية محمد أفندي، وطلبوا سجلاته، فأخرجوها وقروها، وادعى عليه أكثر أهل الصالحية من جهة أمور لا تحصى من الفسق والفجور والفساد والعوان والسكر والاجتماع على شيء كثير مما لا يرضى، وفي غاية من الضرر في تلك المحلات والبلص وغير ذلك من القبائح، فأثبت عليه الحاكم الشرعي، وقتلوه في دهليز المحكمة، وشهدوا بأنه حجر أسود في طريق المسلمين، فأُثبت عليه ثم، وقتل كما ذكرنا.
ثورة القبي قول لأجله
ثم وصل الخبر بذلك لقبول القلعة، وكان مكتوبًا معهم. فهرع جماعة منهم ومقدمهم الآبا، بمد الهمزة، من زعر المزابل، يتعيش في العمارة، وكان أيضًا انكتب قبولًا، وطلعوا الصالحية من ناحية الدحداح نحو مايتين بالعدد الكاملة فوصلوا الجركسية وضربوا بيت الشيخ عبد الغني بالرصاص وشتموه وهزوا بجامعته، ثم وصلوا الجركسية فخربوا دكاكينه الأربعا، شرقي القهوة مقابل المحكمة، وكسروا القطارميز، وكبوا الزيوت والسمن والدبس والعسل والخل، وأخذوا نحاس الحوانيت، وحملوا حلة الطباخ الذي هناك، وأكلوا ما فيها جميعًا، وأخذوا خبز الخباز، وأخذوا دكان عطار ورموه بالمعظمية، ورموا عليه عطاراته في الطريق، وأخذوا غلال الحوانيت المنهوبة، وأخذوا لحم اللحامة على ظهورهم.
قتلهم ابن المغسل
ثم ذهبوا نواحي العقيبة لقتل السيد محمد المغسل، وكان شجاعًا مقدامًا، وكان من جملة من ادعى على ابن فطم وغيره ما لا يحصى، فاخذوه على حين غفلة من القهوة التي في السكة شمالي العقيبة، وقتلوه بالبارود والجروخ حتى قتل، وأخذوا ابن فطم إلى عندهم لباب القلعة وغسلوه ثم دفنوه بالدحداح.
ضربهم الأشراف
ونزلوا السيد إلى الجامع الأموي فقامت الأشراف قوم واشتكوا للنقيب فقال: عزلت نفسي، ولم يسمع فيه دعوىً خوفًا. ثم ذهبوا إلى القاضي فلم يعط جوابًا شافيًا، فلحقهم القبول إلى عند القاضي وضربوا الأشراف بالرصاص والبارود، وقتلوا وجرحوا وكسر العلم الذي حملته الأشراف، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
موقف الشيخ عبد الغني
وإن الشيخ عبد الغني أفندي مراده الروم ليخبر عن أحوال البلد، وما فيها من امتهان الشرع وقلة الاكتراس، والله يعينه للخير برحمته، آمين.
بيع ممتلكات الباشا
شعبان. أوله الخميس. فيه أبيع خيله وثقله، وختموا الجنينة التي نحو السادات، وأخذوا ما فيها من القسراويات والمخاد واللحف والفرش والنحاس المخصوص لها، والصواني والصيني، ما يبلغ عشرين كيسًا أو ثلاثين كيسًا.
وكان شحيحًا لا يقيل، بل يأخذ المال ولو خالف الشرع الشريف، وله عليه هلع زائد، ويحبس الحبس المديد عليه، وإن قلت المادة. ولا يسمح بشيء، وكان يموت بحبسه الناس ولا يعفو. وكان يمتهن الحكام والحجج، ولا يقتل قتلًا شرعيًا إلا بدارهم تعطى، وإلا، لا يغار على الشرع أصلًا، مع سكونه وعدم فجوره، وكان حليمًا ولكن لا يعفو عن درهم.
قرب السلطان نار
والحاصل أن الشح لا يأتي بخير، والظلم لا يدوم، والبغي مصرع مبتغيه وخيم، والذل لغير الله ذل، وقرب السلطان نار. فكم من أجلاء وعلماء راحوا بأرجل السلاطين، وابتلوا ببلايهم من القتل والحبس والسلب، حتى لم يبقوا لهم شيئًا، لا قليلًا ولا كثيرًا.
وفي زمن الخلفاء، إذا عزلوا السلطان لا يكتفون بالحبس، بل يسملون عينيه، ويلبسونه أثواب الرعية، كالأرثاث والخام الثخين، ويخرج يتكفف الناس، وعند بني عثمان أحسن بكثير، وهو الحبس والترسيم مع التوسعة والنفقة إلى أن يموت، أو يسم.
الشيخ أحمد الغزي
1 / 113