Yaqutat Ghiyasa

Ibn Hanash d. 719 AH
98

Yaqutat Ghiyasa

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Genres

أحدها: أنه كان يلزم في كل ذي قلب أن يكون عاقلا، فيجب في الصبيان والمجانين والبهائم أن يكونوا عقلاء؛ لأن القلوب حاصلة لهم، والمعلوم خلافه.

والثاني: أنه كان يلزم فيمن كثر قلبه أن يكثر عقله فيكون البعير وغيره من البهائم أوفر عقلا؛ لأن قلوبها أكثر، والمعلوم أنها غير عاقلة فضلا عن كون عقلها أكثر وفر.

الثالث: أنه كان يلزم في النائم إذا نام ألا ينقض وضوؤه، والمعلوم أنه ينقض؛ لأن عندهم العقل هو القلب، فدل على أن العقل هو المعلوم الحالة في القلب؛ لأنه إذا نام ما زال عنه العقل.

فإن قيل: إن النائم يتغير بنية قلبه بالنوم والعقل هو القلب المبني بنية مخصوصة وقد تغيرت بالنوم، وكذلك فهي غير حاصلة في البهائم فلا يلزم أن تكون عاقلة، وكذلك الصبيان والمجانين، فجوابه من وجهين:

أحدهما: أن النية لو تغيرت لما وجب أن يرجع بالإنتباه فكان يلزم أن نية العاقل في بعض الأحوال وهو غير عاقل بأن لا يرجع إليه نية قلبه في الحال، والمعلوم خلافه.

الوجه الثاني: أن اعتقاد الجهل يحصل في النائم والصبي وهو ضد العلم، فلو كانت النية غير صحيحة لما احتمل الجهل؛ لأن أحد الضربين لا يجوز أن يفتقر إلى أزيد، فما افتقد إليه صاحبه وكذلك فقد يعلم الصبي والمجنون والنائم كثيرا من الأشياء فبطل ماذكروه؛ لأن نية القلب لو اختلت لما خله شيء من المعلوم.

وأما قول الفلاسفة أنه جوهر بسيط [45ب] فهو باطل من وجوه:

أحدها: أنا نقول أن هذا أنبأ منكم على إثبات الجواهر الروحانية، وهو إثبات ما لا يعقل.

الثاني: أنه كان يلزم في جميع الأجسام أن يكون عاقلا< لأن الجواهر متماثلة.

الوجه الثالث: أن الجواهر متحيزه، وحلول المتحيز في المتحيز محال، وهذان الوجهان مواجدة لهم بظاهر العبارة ؛ لأن المعقول من الجوهر ليس إلا المتحيز، فأما إذا أرادوا أنه الجوهر الروحاني الذي يدعونه لم يلزمهم ذلك، وأبطلناه بالوجه الأول.

Page 99