وأما الأصل الثاني: وهو أن حال الكوان الأول لا يخلو من أحد هذه الأقسام؛ فلأنها قسمة دائرة، وبيان ذلك أنك تقول: إن الجسم إذا كان متحركا ثم سكن فحال الحركة لا يخلو إما أن يكون موجودا في محلها الأول أم لا، إن كانت موجودة في محلها الأول فهو الباقي، وإن لم تكن فلا يخلو إما أن توجد في غيره أم لا، إن كان في غيره فهو المنتقل، وإن لم توجد ولا في غيره فهو المعدوم، فثبت الأصل الثاني وهو أنه لا يخلو من أحد هذه الأقسام.
وأما الأصل الثالث: فهو أن الأقسام كلها باطلة سواء أنه معدوم، فالذي يدل على ذلك أنا نبطلها قسما قسما أما لأنه لا يجوز أن يكون باقيا مع وجود هذه ضده فلأنه لا يخلو إما أن يوجب جميعا أو لا يوجبا جميعا أو يوجب أحدها دون الآخر محال أن يوجبا جميعا؛ لأنه يؤدي إلا أن يخلوا الجسم من الحركة والسكون وذلك محال، ولا يجوز أن نوجب أحدهما دون الثاني؛ لأنه مخصص لأحدهما دون الآخر بأن يكون موجبا، فإن قالوا: إن الطاري منها أولى أن يوجب للجسم؛ لأن الطاري خط الطرف، ولهذا كان الطاري من الضربين ينفي الثاني، وكان أولا بالوجود منه كما يذكرونه في السواء الطاري فهلا رضيتم بمثل ذلك، فنقول: إن الطاري منهما أولا بالإيجاب ويكون الطرف مخصصا له.
قلنا: الجواب عن هذا من وجوه:
أحدها: أن الطاري إنما كان أولى بالوجود من ضده.
Page 166