والآخر: يتعذر عليه، ولافرق بينهما إلا من صح منه الفعل المحكم دون صاحبه، ولا يجوز أن يصح لكونه قادرا؛ لأن الآخر قد شاركه في كونه قادرا، ولم يصح منه فلا يحصل لنا العلم بكونه عالما إلا بعد العلم لكونه قادرا؛ لأن الآخر قد شاركه في كونه قادرا أو لم يصح منه فلا يحصل لنا العلم بكونه عالما إلا بعد العلم بكونه قادرا بصحة الفعل المطلق من دون أحكام واشتراكهما فيه، وتقدم كونه مدركا لهما دليل على ما يدل [72أ] قادرا أو عالما على كونه حيا؛ لأنهما دليلان عليه، ومن حق الدليل أن يتقدم المدلول في العلم وتقدمهما على كونه مدركا؛ لأنهما دليل على ما يدل عليه وهو كونه حيا، فإن كونه حيا يدل على كونه مدركا، ولذلك قدم كونه حيا فإن كونه حيا يدل على كونه مدركا، ولذلك قدم كونه حيا على كونه مدركا، ولا ترتيب بين كونه مدركا ومريدا؛ لأن إرادته قصد فهي مقارنة لوجود المراد في تلك الحال يدركه وإن كان لكونه مريدا تقدم ذهني؛ لأنه كالحاث على الفعل ذكره صاحب (الإكليل).
وأما كونه موجودا فاختلفوا في تقديمهما في العلم، فمنهم من قال: يقدم على جميع الصفات ويجعل بعد إثبات الصانع؛ لأنها متقدمة عليها في الثبوت، فإذا أمكن أن يتقدم عليها في العلم كان أحسن وأولى ليطابق العلم والثبوت وقد أمكن تقدمهما في العلم؛ لأن ما دل على إثبات الصانع دل على كونه موجودا؛ لأنا نقول قد صح منه الفعل والفعل لا يصح إلا من وجود على ما سيأتي فقد صار كونه موجودا في منزلة كونه قاردا وهي ماذكرنا من تقدمه عليها وعلى سائر الصفات والثبوت؛ لأنها شرط فيها.
ومنهم من ذهب إلى تقديم كونه قادرا على كونه موجودا لوجهين:
أحدهما: أن صحة الفعل وإن دلت عليهما جميعا على سواء من غير حاجة إلى زيادة، ولكن لكونه قادرا من .......... بالدليل الذي هو صحة الفعل ماليس لكونه موجودا تلك العلة أنه مريد في صحة العقل دون كونه موجودا فكان أخص.
Page 138