al-Yamīnī
اليميني
Genres
«كتابي والبحر وإن لم أره «4» فقد سمعت خبره، والليث وإن لم ألقه فقد تصورت خلقه، والملك العادل وإن لم أكن لقيته فقد لقيني صيته. ومن رأى من السيف أثره فقد رأى أكثره. وما زلت- أيد الله الأمير- أسمع بهذا البيت القديم بناؤه، الفسيح فناؤه، الرحيب إناؤه، الكريم أبناؤه «5». وأنشد من هذه الحضرة ضالتي، والعوائق يمنة ويسرة، تريني حسرة، والزمن العثور يقعد بي «6» ويثور. فكم من عام عزمت وأبت المقادير، ونويت وعرضت معاذير، والآن لما وفقت لهذه الزورة، اختلفت علي أخبار الملك العادل «7» في مستقره، واختلفت باختلافها مرة في قوس الطريق، ومرة في وتره على اقتفاء أثره، حتى بلغت مبلغي هذا. ثم وسوس إلي الشيطان [165 ب] تقدير مقدر أني أقصد هذه الحضرة طامعا في مال، أو طامحا إلى نوال. وعظم سلطان هذه الوسوسة حتى كاد يثنيني عن درك الحظ من طلعته، ولم أبعد ما ألقاه في خلدي أن يكون، ولأناشدن «1» الله الظنون أن تنصرف في قصدي إلا إلى معرفة أوقعها، أو خدمة أودعها، أو مدحة أسمعها، أو رجعة أسرعها، ثم أدخر هذه الدولة لمملكة «2» أغصبها، أو راية أنصبها، أو كتيبة أغلبها، أو دولة أقلبها. فأما الدرهم والدينار «3» فدفعهما إلي ونزعهما من يدي سواء لدي، لا أشكر واهبهما، ولا أشكو سالبهما، إن لي في القناعة وقتا، وفي الصناعة بختا، لا «4» يبعد منال المال إذا أردته، ولا يحوجني إلى ركوب العقاب «5» وسلوك الشعاب مهما قصدته، بل يجيئني فيضا. ويتطفل علي أيضا، وهذه الحضرة وإن احتاج إليها المأمون، ولم يستغن عنها قارون، فإن الأحب إلي أن أقصدها قصد موال، لا قصد سؤال، والرجوع عنها بحال [أحب إلي من الرجوع عنها بمال] «6». قدمت التعريف، وأنا أنتظر الجواب الشريف، فإن نشط الأمير لضيف ظله خفيف، وضالته رغيف، فليزجر له بالاستقبال طائر الإقبال، والسلام» «7».
وله فيه لما صدر عن فنائه مثقلا بنعمائه:
ألم تراني في سفرتي ... لقيت الغنى والمنى والأميرا [166 أ]
ولما تراءى شممت التراب ... وكنت امرأ لا أشم العبيرا
لقيت امرأ مل ء عين الزما ... ن يعلو سحابا ويرسو ثبيرا
Page 304